يسعدني بمناسبة قدوم شهر رمضان المبارك أهله الله علينا وعليكم وعلى المسلمين بالخير واليُمن والبركات وبنصر الله للمسلمين في كل مكان ، أن أشارك معكم بعرض هذا الفصل من فصول العلاجات الشرعية الغير مادية وهو العلاج بالصيام من كتاب نصائح طبيب إلى كل مريض وصحيح والذي سبق وعرضنا ملخصه عليكم.
فصل
( الصوم جُنَّة )
كما قال النبى صلى الله عليه وسلم … أى وقاية من الزلل والوقوع في الخطايا والمحرمات ، وحماية من الأمراض والشرور والموبقات ، وستراً من النار والعقوبات.
وهكذا فقد أنعم الله علينا بالصوم لما له من فوائد عظيمة وحكم كثيرة ، وآثار ونتائج جليلة لنا سواء كانت دينية روحية ، أو صحية جسمانية ونفسية أواجتماعية ، أو غير ذلك من الفوائد التي لانستطيع حصرها ، وصولاً إلى الفائدة العظمى والهدف الأسمى من الصوم ألا وهو تقوى الله عز وجل.
قال تعالى : يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ البقرة.
والذى لايفهم هذا المعنى ولايسعى لتحقيقه لا حظ له من صيامه إلا الجوع والعطش كما قال : *من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه * متفق عليه.
وقال صلى الله عليه وسلم : *الصِّيَامُ جُنَّةٌ فلا يَرْفُثْ ولا يَجْهَلْ وَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي الصِّيَامُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا * رواه البخارى.
والصوم من أهم العبادات التي تعين على التقوى والتقرب إلى الله والبعد عن الرياء ، فالصائم تتهذب وتتأدب وتتزكى وتصفو نفسه ، ويرق قلبه ويمتلئ بالإيمان واليقين ، وتهدأ جوارحه ، وتقوى عزائمه فيكبح جماح غرائزة ، ويسيطر على شهواته ، وبالتالي يكون أقرب للتقوى وأقرب للمغفرة.
قال سبحانه : وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا الطلاق.
وقد حث النبى صلى الله عليه وسلم معشر الشباب الذي لايستطيع الزواج على الصوم كوسيلة وقائية تحفظه – بإذن الله – من الوقوع في الفاحشة ومايصاحبها من شرور وأمراض وآلام فقال صلى الله عليه وسلم :* يامعشرالشباب مَنِ اسْتَطَاعَ منكم الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ * متفق عليه.
ولكن لكى يؤتي الصيام ثماره المرجوة وفوائده المنتظرة التي نعلمها والتي لانعلمها ، فعلينا مراعاة اتباع سنة نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم ففيها الخير كله والبعد عن الشر كله – ولاشك ولاريب في ذلك سواء علمنا تفاصيل ذلك أم لم نعلمه – وفيها هناؤنا وسعادتنا وسلامة أبداننا وانشراح صدورنا ومنتهى صلاحنا ، وغاية سلامتنا وتمام عافيتنا ، وراحة نفوسنا وذهاب همنا وغمنا ، بالإضافة إلى حُسن مآبنا بإذن الله.
ومن سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم :
1- السحور :
لقول النبى صلى الله عليه وسلم :* تسحروا فإن فى السحور بركة * متفق عليه. ( والبركة هنا تشمل كل الفوائد المعلومة والغير معلومة ).
وتأخيره إلى قرب الفجرأفضل فعن زيد بن ثابت رضى الله عنه قال : تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قام إلى الصلاه قلت ( أنس ) : كم كان بين الأذان والسحور قال : ( قدر خمسين آية ) متفق عليه.
2- تعجيل الفطر :
لقوله صلى الله عليه وسلم : *لايزال الناس بخير ماعجلوا الفطر * متفق عليه.
والمُستحب أن يكون الإفطار قبل الصلاة على الرطب وإلا فالتمر وإلا فالماء .
فعن أنس رضى الله عنه قال :* كان النبى صلى الله عليه وسلم يفطر على رطبات قبل أن يُصلى فإن لم تكن رطبات فتمرات فإن لم تكن تمرات حسا حسوات من ماء * أخرجه الترمذى بسند حسن.
ويمكن الرجوع إلى فوائد تناول التمر خاصة بعد الصيام فى باب التمر.
3- عدم الإسراف أوالتبذير في الطعام والشراب.
وإلا ضاعت على الصائم الكثير من الفوائد الصحية الجسمانية والعقلية والروحية والمالية.
والصيام بلا شك له فوائد وقائية وعلاجية شفائية لدرجة أن بعض الأطباء – حتى من غير المسلمين – يصفونه كوسيلة علاجية لبعض الأمراض ، فقد أثبتت أحدث الدراسات في الغرب أن صيام شهر في السنة يجدد خلايا الجسم ، وصيام ثلاثة أيام في الشهر يطهر الجسم من السموم والأدران التي هى مصدر الأمراض وسبب العلل للأبدان .
فالامتناع عن الطعام والشراب لمدة قد تزيد عن أربعة عشرة ساعة ثم يتبعها بضع ساعات من الأكل والشرب هو نظام مثالي للجسم لتنشيط عمليتى الهدم ( التي يقوم فيها الجسم في فترة الصيام باستهلاك وتدمير الخلايا القديمة الهرمة والمريضة في الأعضاء المختلفة ) والبناء ، وقد ثبت علمياً أيضاً أن النشاط والعمل والحركة العضلية أثناء الصيام للأشخاص الأصحاء يعمل على تحريك وتحليل وحرق الدهن في الأنسجة الشحمية بعد استهلاك الجهاز العضلي للجلوكوز القادم من الكبد وذلك للحصول على الطاقة مما يزيد من كفاءة ونشاط عمل الكبد
والعضلات ويخلص الجسم من الشحوم والسموم وهذا مايسمى بعملية الهدم ، بعكس السكون والراحة والنوم والكسل أثناء الصيام.
وتكون هذه الفوائد أعم وأشمل – كما ذكرنا – إذا راعينا اتباع التعليمات الشرعية السابقة.
كما ثبت علمياً أن الصوم له تأثير إيجابى على كل أجهزة الجسم ، بالإضافة إلى تأثيره المريح والمطمئن للحالة النفسية والعصبية ، والمضاد للإكتئاب والحزن ، فالصوم يدخل البهجة والسرور على الصائم قَال صلى الله عليه وسلم :* يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : لِلصَّائِمِ
فَرْحَتَانِ فَرْحَةٌ حِينَ يُفْطِرُ وَفَرْحَةٌ حِينَ يَلْقَى رَبَّهُ متفق عليه.
هذا بالإضافة لما يصاحب الصوم من الانتظام في ذكر الله بصورة أكبر : الا بذكر الله تطمئن القلوب ، والحرص على آداء الصلوات في أوقاتها بخشوع أكثر ، وعلى آداء النوافل بانتظام أفضل ، وكذلك الحرص على الكثير من العبادات والطاعات التي تقربنا إلى الله ، مما يجعلنا أهل لأن يُنَزِّل الله سكينته ومغفرته ورحمته علينا ، فتصفو نفوسنا وتطمئن قلوبنا وتنصلح أحوالنا.
وينعكس هذا الصفاء النفسي ، والإطمئنان القلبي بالتحسن الملحوظ على الكثير من الأمراض التي تكون للحالة النفسية والعصبية دور فى حدوثها أو تنشيطها أوإظهارها ، بل ينعكس الصيام ككل -أيضا-ًبتحسن واضح على كثير من الأمراض الأخرى.
( من الأمراض التي من الممكن أن تستفيد من الصيام :
بعض أمراض المعدة والقولون والقلب وضغط الدم والسمنة والسكر ، وبعض حالات الكبد ، وبعض الأمراض الجلدية والتناسلية )
ولكن يجب مراجعة الطبيب المُختص فى ذلك فلكل حالة ظروفها ونوعيتها ودرجتها الخاصة.
والصوم ليس فقط غسيل وتنقية للبدن مما تراكم فيه وعلق به من فضلات وسموم ( فقد ثبت علميا أن الصوم يحفز الجسم على انتاج مضادات الأكسدة التي تنظف الجسم من الشقائق الحرة الناتجة عن كثرة عمليات الهضم والتمثيل الغذائي المستمرة داخل الجسم أو من عوامل التلوث البيئي خارج الجسم ، والتي تجعل الجسم عرضة للإصابة بالكثير من الأمراض).
وإنما أيضاً غسيل وتنقية وتطهير للنفس مما تراكم فيها من آثار الذنوب والمعاصى التى لاتنفك عن ابن آدم ومما علق بها من أمراض نفسية ووساوس وتأثيرات شيطانية.
وكذلك فالصوم وسيلة فعالة للتخلص من العادات الضارة مثل التدخين وغيرها من السلوكيات الخاطئة.
وكما قال ابن القيم رحمه الله :
( … فقلة الطعام توجب رقة القلب ، وقوة الفهم ، وانكسار النفس وضعف الهوى وكثرة الطعام تحرك الجوارح الى المعاصى وتثقلها عن الطاعات والعبادات ، ولأن الشيطان يجرى من ابن آدم مجرى الدم من العروق فإن الصوم يُضيق عليه مسالكه ).
فمن فضل الله ومنه وكرمه أن فرض علينا صيام شهر رمضان من كل عام ، وكذلك حثنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم – الذي لاينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى – على صيام التطوع ( النافلة ) واستحبه لنا ، والذي منه :
صيام ست من شوال ، والتاسع من ذى الحجة ( وقفة عرفات لغير الحاج) والاثنين والخميس من كل أسبوع ، ويوم تاسوعاء وعاشوراء من شهر الله المحرم ، والأيام البيض 13 ، 14 ، 15 من كل شهر عربى ، وأفضل التطوع صيام يوم وإفطار يوم وهو صيام نبى الله داوود عليه السلام .
وقال صلى الله عليه وسلم : * إِنَّ اللَّهَ قَالَ مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لأعْطِيَنَّهُ وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ * رواه البخارى.
وقال صلى الله عليه وسلم : * أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ وَأَفْضَلُ الصَّلاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلاةُ اللَّيْلِ * رواه مسلم.
ولنحرص على أن تكون نيتنا – في صيامنا وفي كل عباداتنا – خالصة لوجه الله تعالى ولابتغاء مرضاته ، ثم نسأل الله القبول.
وأن يكون صيامنا وعباداتنا على هدي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .
وألا تكون عباداتنا مجرد عادة تعودنا على فعلها ، أو أننا نفعلها لمجرد فائدتها الصحية أو غير ذلك من الفوائد فقط .
وأن معرفتنا لبعض فوائد هذه العبادات – التي لانشك في أن فيها كل الفوائد علمنا ذلك أم جهلناه – يجعلنا نزداد إيماناً مع إيماننا ويقيناً مع يقيننا بعظمة هذا الدين القيم وأن هناءنا وسعادتنا وشرفنا وعزتنا وقوتنا واطمئنان قلوبنا وصحتنا في انتسابنا إليه وعلمنا وعملنا به.
قال النبى صلى الله عليه وسلم :* قال الله : كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به والصيام جنة وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك للصائم فرحتان يفرحهما إذا أفطر فرح وإذا لقي ربه فرح بصومه * متفق عليه.
ابو رمضان
بارك الله فيج يالغاليه
اللهم بلغنا رمضاااااااااااان
وربــــي لآ هــــآآنج………..
وجزاج الله كل خير
تقبلي مروري اختج في الله كيوت العين