يقول خارجة بن زيد : هويت امرأة من الحي، فكنت أتبعها إذا خرجت من المسجد، يقول: فعرفت ذلك مني، عرفت هذه المرأة أن فلاناً يلحقها، فقالت لي ذات ليلة: ألك حاجة؟ قلت: نعم. قالت: ما هي؟ قلت: مودتك -انظري إلى هذه الكلمات التي تخدع بها بعض النساء، وبعضها تخدع باتصال، تخدع برسالة، تخدع بكلمة؛ مسكينة خدعت وطالما خدعت النساء- ماذا ردت المرأة على هذا الرجل؟ قال: أريد مودتك، فقالت له: دع ذلك ليوم التغابن، قال خارجة : فبكيت، والله أبكتني فما عدت إلى ذلك أبداً:
تفنى اللذاذة ممن نال صفوتها من الحرام ويبقى الوزر والعارُ
تبقى عواقب سوءٍ في مغبتها لا خير في لذةٍ من بعدها النارُ
نعم، إنها لذة دقائق ولكن يبقى العار، وتبقى الحسرات، ويبقى الألم، ويبقى عذاب القبر وعذاب الحشر، وتبقى النار:
تبقى عواقب سوءٍ في مغبتها لا خير في لذةٍ من بعدها النارُ
يقول أبو محمد الشيباني : كان بـالبصرة رجل له أكار -يعني عامل حراث- وهذا الحراث كانت له امرأة جميلة، فوقعت امرأة الحراث في نفس الرجل، نظر إليها فأعجب بها، فركب إلى القصر وقال للحراث: الْقط لنا من الرطب، وافعل كذا، واذهب به إلى آل فلان، وإلى بيت فلان، حتى يخلو له الجو، يقول: فلما مضى الزوج، جاء إليها في البيت فقال للزوجة: أغلقي باب القصر، فأغلقته، فقال لها: أغلقي كل باب، ففعلت، فقال لها: هل أغلقتِ جميع الأبواب، قالت: نعم إلا باباً واحد لم أغلقه قال: لِمَ لم تغليقه؟ قالت: لا أستطيع، قال لها: أي بابٍ؟ فقالت له: الباب الذي بيننا وبين الله عز وجل، فبكى ثم قام يتصبب عرقاً وانصرف ولم يواقع الخطيئة.
وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ [النور:31] ثم قال الله: وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31].
وبعض النساء تجد الواحدة منهن لا مانع عندها أن تجلس مع أي رجل، وتغلق الباب فتضاحكه ويضاحكها، للأسف ليس عندها مانع أن تسافر لوحدها بغير محرم، تقول: أنا حرة!
حرة مم يا أختي الفاضلة؟! تقول: لا أحد يتحكم بي! حتى الله لا يتحكم بك! حتى الله جل وعلا لا تريدين أن يتحكم بك!
يا أختي الفاضلة! فكري فإن الله عز وجل هو أحكم الحاكمين، والله جل وعلا لا تخفى عليه خافية.
عفاف مريم
سمعت بـمريم ابنة عمران: وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ [التحريم:12] جاءها الملك فبشرها بالولد، تعرفين ماذا قالت؟ قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً [مريم:20] حتى جاءها المخاض وهي الشريفة العفيفة الطاهرة، تعرفين ماذا تمنت؟ فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيّاً [مريم:23] تتمنى الموت حتى لا تتهم بعفتها وطهارتها.
رفقة العمل الصالح
أختي الفاضلة! هذه الكلمات أرجو أن يرن صداها في عقلك وفي قلبك، فكري فيها مراراً وتكراراً/: الدنيا زائلة، والموت قريب، وسوف نخرج من هذه الدنيا عما قريب، انظري إلى من سبقك، إلى من غادرت هذه الحياة، إلى من فارقت الدنيا، ماذا أدخلت معها في قبرها، من سوف ينجيها عند الله؟ هل صاحبتها صاحبات السوء؛ أو عشيقها وحبيبها، أو غريمها؟ من الذي سوف ينجيها إلا عملها الصالح يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ [الشعراء:88-89].
أتعصي الله وهو يراك جهراً وتنسى في غدٍ حقاً لقاه
وتخلو بالمعاصي وهو دانٍ إليك ولست تخشى من سطاه
وتنكر فعلها وله شهودٌ على الإنسان تكتب ما حواه
فويل العبد من صحفٍ وفيها مساويه إذا وافى مساه
ويا حزن المسيء لشؤم ذمٍ وبعد الحزن يكفيه جواه
ويندم حسرة من بعد فوتٍ ويبكي حيث لا ينجي بكاه
يعض يديه من أسفٍ وحزنٍ ويندم حسرة مما دهاه
فبادر بالمتاب وأنت حي لعلك أن تنال به رضاه
اللهم يا عظيم العفو، يا واسع المغفرة، يا قريب الرحمة، يا ذا الجلال والإكرام، اللهم أذقنا عفوك وغفرانك، واسلك بنا سبيل مرضاتك، وعاملنا بلطفك وإحسانك، واقطع عنا ما يبعد عن طاعتك، اللهم وثبت محبتك في قلوبنا، وقوها ويسر لنا ما يسرته لأوليائك، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين، برحمتك يا أرحم الراحمين، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
حبب الله اليكم الايمان وزينه لقلوبكم وفقكم للعلم والعمل