ويدعو إلى التقارب بين الإسلام واليهودية والنصرانية
قال القرضاوي في كتابه (( الإسلام والغرب )) ( ص86 ) : (( لقد دعوت شخصياً إلى هذا الحوار في كتابي (( أولويات الحركة الإسلامية )) دعوت إلى الحوار مع الغرب , والحوار على المستوى الديني مع رجال الدين من الكرادلة والأساقفة والقساوسة , وإلى الحوار السياسي أيضاً مع من يصيغون القرار محاولة اللقاء بهؤلاء والإتصال بهم كما حاول هذا مثل د / حسن الترابي … إلى أن قال : أعتقد أن هذا الحوار على هذه المستويات الدينية والفكرية والسياسية حوار نافع ويزيل كثيرا من الغبش في الرؤية أو سوء الظن في الآخرين )) .
وقد شارك في عدة مؤتمرات من أجل ذلك , وقال متحدثاً عن حضوره لأحدها : (( حضرت هذا العام شهر مايو الماضي مؤتمراً في موسكو وكان حول الإسلام والتفاهم بين الديانات والشعوب الأخرى , وشارك فيه مسيحيون ويهود وغيرهم من أرباب الديانات الأخرى , وفي آخر الصيف حضرت حفلاً تكريمياً للقاء المسيحيين وبعض المسلمين نظمه مجلس الكنائس للشرق الأوسط )) وقال أيضاً : في مؤتمر آخر في ألمانيا : (( منذ سنوات حضرت لقاء بين مسلمين ومسيحيين في ألمانيا وكان معنا فضيلة الشيخ الغزالي وبعض الأساتذة الكبار )) ( نقلاً من كتاب رفع اللثام ص 55-56 )
هذا المقال تضمن أموراً كثيرة , ومنها :
أ- إعجاب القرضاوي بهذه المؤتمرات – التي هي في الحقيقة مؤامرات – ويفهم هذا من كلامه , وهذا الإعجاب ينافي اليقظة منه والحذر من هؤلاء لأنهم يعقدون مؤتمراتهم للقضاء على عقائد المسلمين من جهة , والإعتراف والإقرار بصحة أديانهم الكفرية , وأيضاً إعجابه بهم ينافي ما دعا إليه الإسلام , قال الله تعالى مخاطباً رسوله الكريم – صلى الله عليه وسلم – : ((لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (196) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ )) – آل عمران 196 – 197 )
ب- ومنها تبجحه بنفسه في حضور هذه المؤتمرات وهي حقيقة مؤامرات ؛ ولكن أنَّى للمفتونين كالقرضاوي أن يدركوا ذلك , ولو أدركهم ذلك , والذين يشهدون هذا المؤتمر وأمثاله يدخلون في قوله تعالى : ((وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا )) النساء 140 )
قال القرطبي في تفسيره : والخوض أصله في الماء , ثم استعمل بعد في غمرات الأشياء التي هي مجاهيل تشبيهاً بغمرات الماء فاستعير من المحسوس … إلى أن قال : في هذه الآية ردٌّ من كتاب الله عز وجل على من زعم أن الأئمة الذين هم حجج وأتباعهم لهم أن يخالطوا الفاسقين ليصوبوا آراءهم تقية ,
وذكر الطبري عن أبي جعفر محمد بن علي رضي الله عنه قال : (( لا تجالسوا أهل الخصومات ؛ فإنهم الذين يخوضون في آيات الله )) قال ابن العربي : (( وهذا دليل على أن مجالسة أهل الكبائر لا تحل , قال ابن خويز منداد : من خاض في آيات الله تُركت مجالسته وهُجر , مؤمناً كان أو كافراً , قال : وكذلك منع أصحابنا الدخول إلى أرض العدو ودخول كنائسهم والبيع ومجالسة الكفار وأهل البدع وألا تعتقد مودتهم ولا يسمع كلامهم ولا مناظرتهم )) .
قلت : إذا كان الإسلام قد حرم مجالسة الكفار والمنافقين إذا كان في مجالسهم خلط الحق بالباطل , فمعلوم أن مؤتمرات توحيد الأديان فيها أعظم محاربة للإسلام عقيدة وعبادة وسياسة وأخلاقاً تحت شعارات (( توحيد الدين الإبراهيمي )) و (( توحيد الملة الإبراهيمية )) وغير ذلك من الشعارات , وإن حقيقة ما تسمو إليه هذه اللقاءات هو نشر النصرانية بشكل واسع خصوصا بين المسلمين وإليك بيان ذلك :
1- البابا يصلي بالمسلمين والنصارى صلاة مشتركة كما حدث في إيطاليا بتاريخ ( 27 / 10 / 1986م ) وتكررت الصلاة المشتركة باسم روح القدس , وكانت هذه أول صلاة يؤم فيها كافر مسلماً , وأول صلاة لروح القدس مع الصلاة التي جاء بها الإسلام , وقد أقيمت هذه الصلاة المشتركة في اليابان وحضرها بعض ممثلي المؤسسات الإسلامية وغيرهم من الأديان ( انظر كتاب العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد (( إبطال نظرية الخلط بين الأديان )) ( 24-25) .
فوا أسفاه ووا حسرتاه على دين المسلمين !! أيصلي المسلم مع النصراني الذي يصلي ليسوع ؟! أيصلي المسلم وراء النصراني البابا ؟ اللهم لطفاً بعبادك من هذه الشركيات .
2- جعل البابا القائد الروحي للأديان بما في ذلك دين الإسلام وأنه حامل رسالة (( السلام العالمي )) للبشرية
قلت : من رضي بهذا فهو كافر مرتد عن الإسلام , لأن الله أرسل إلى البشرية جمعاء محمداً صلى الله عليه وسلم , قال تعالى : ((تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا )) الفرقان 1 ) , وقال تعالى : ((قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا )) الأعراف 158 ) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( والذي نفسي بيده لا يسمع بي من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولا يؤمن بالذي جئت به إلا كان من أهل النار )) رواه مسلم عن أبي هريرة .
3- اتُّخذ نشيد لوحدة الأديان يردده المسلمون أسموه نشيد الإله الواحد رب وأب )) ( المصدر السابق ص 26 )
4- أعلن عن إصدار كتاب يجمع بين دفتيه القرآن والتوراة والإنجيل , وهذا من الكفر العظيم , أيطبع القرآن مع التوراة والإنجيل المحرفتين المنسوختين , إن هذا يعني الإعتراف بصحة كل ما في التوراة والإنجيل , وأنه حق يجب على الناس أن يقبلوه , وهذا ظاهر في الكفر , وانظر إلى هذا الموقف من رسول الله صلى الله عليه وسلم : عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب , فقرأه النبي صلى الله عليه وسلم فغضب , فقال : (( أمتهوكون بها يا ابن الخطاب ! والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية , لا تسألوهم بشيء فيخبروكم بحق فتكذبوا به أو باطل فتصدقوا به , والذي نفسي بيده لو أن موسى حياً ما وسعه إلا أن يتبعني )) رواه أحمد ( 3 / 387 ) , وابن أبي عاصم في ( السنة ) رقم ( 50 ) , والبيهقي في الشعب رقم 177 ) , والبغوي في ( شرح السنة 126 ) والدارمي رقم ( 435 ) , وقد حسنه الألباني وغيره ,
وقد انتفع عمر بهذا الزجر فأمر بإحراق كتب فلاسفة اليونان التي يقال لها كتب الحكمة وغيرها من الكتب التي تدعو إلى الضلال .
5- مبادرة جهات يهودية ونصرانية إلى بناء مساجد وكنائس ومعابد في مكان واحد وبخاصة في رحاب الجامعات والمطارات ( نقلا من كتاب (( دعوة التقريب بين الأديان )) 4 / 1473 ) .
وذكر المؤلف أنه رأى في إندونيسيا مجمعاً للمعابد وهي : الإسلام والنصرانية والبوذية والهندوسية كلها داخل محيط واحد لا يفصل بينها سوى ممر صغير ووصف إقامة مشروع يضم معابد الأديان الخمسة الكبرى في العالم , وإن بناء الكنائس والمعابد أشد جرماً من بناء المنافقين للمساجد , قال الله في المنافقين : ((وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (107) لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا ) التوبة 107 – 108) فبناء المعابد الوثنية والشركية إلى جانب المساجد من أعظم الكفر , لأن في ذلك الإعتراف أن المعابد بيوت الله وأن الشرك عند اليهود والنصارى يتقرب به إلى الله , وقد أفتت اللجنة الدائمة بتكفير من رضي بذلك .
6- فتحت مراكز في مصر وغيرها باسم (( الإخاء الديني )) وباسم (( الصداقة الإسلامية المسيحية )) وباسم (( التضامن الإسلامي المسيحي .. )) المصدر السابق ص 23 )
7- قالت صاحبة كتاب (( تنصير العالم )) (ص113) وهي تتحدث عما قام به البابا يوحنا عندما أعلن إعادة تنصير العالم : (( لقد استعان بكافة أتباعه من أكبر أسقف إلى أكبر علماني )) .
نقلا من كتاب : تبصير الحيارى بمواقف القرضاوي من اليهود والنصارى / للشيخ محمد بن عبد الله الإمام حفظه الله / ص 62-67 )