نشرت مجموعة من أطباء جامعة سيدني في عدد 11 ديسمبر من المجلة الدولية للرضاعة الطبيعية، نتائج دراستها حول تأثير طريقة تخدير الولادة بإبرة الظهر على قدرة الأم في توفير رضاعة طبيعية لوليدها. وقال الباحثون الأستراليون إن اللجوء إلى التخدير باستخدام إبرة الظهر، في منطقة ما فوق غشاء الجافية epidural anesthesia المغلف للحبل الشوكي، أثناء مرحلتي المخاض والولادة، قد يُؤدي إلى مواجهة الأمهات صعوبات في إرضاع مواليدهن طبيعياً خلال الأسبوع الأول، وتقليل فرص إتمام الرضاعة الطبيعية لمدة الستة أشهر الأولى بعد الولادة، أي أن الضرر هو على المدى القصير والطويل. ويُعتبر التخدير باستخدام إبرة الظهر، في منطقة ما فوق الجافية، أحد طرق تخفيف ألم المخاض والولادة، خاصة عند الحاجة إلى إتمام الولادة بالعملية القيصرية. وكأي وسيلة طبية علاجية، فإن لها فوائد ولها مضار. ولذا من الضروري تفهم تلك الجوانب قبل اللجوء إليها في تيسير معاناة المخاض والولادة.
شح إدرار الحليب
* وقامت الدكتورة سيراندا تورفالدسين وزملاؤها الباحثون من جامعة سيدني بمتابعة 1280 امرأة فيما بين مارس وأكتوبر من عام 1997، وذلك في منطقة سيدني. وتم التخدير باستخدام إبرة الظهر، من النوع المتقدم الوصف، لدى 33% (416 امرأة) من الحالات أثناء عملية الولادة نفسها، وعلى وجه الخصوص فإن 41% من بينهن تمت لهن الولادة بالعملية القيصرية.
ولاحظت الباحثة أنه بالرغم من تمكن 93% من الأمهات البدء بإرضاع مواليدهن من أثدائهن خلال الأسبوع الأول بعد الولادة، إلا أن تعرضهن للتخدير بإبرة الظهر تسبب إلى حد كبير في نشوء صعوبات من جانب البدء في الإرضاع بالثدي خلال الأيام الأولى، ومن جانب عدم كفاية الثدي على إمداد الأطفال بحاجتهم من حليب الأم خلال الأسبوع الأول. وكذلك لاحظت الدكتورة الباحثة أن التخدير بإبرة الظهر رفع بنسبة الضعف من احتمالات عدم تمكن الأمهات من إكمال إرضاع الطفل في الستة أشهر الأولى، بالمقارنة مع النسوة اللائي ولدن دون استخدام هذا النوع من التخدير، وذلك بغض النظر عن عمر المرأة أو مستوى تحصيلها التعليمي. وتحديداً أشارت النتائج إلى أن 72% من الأمهات اللائي ولدن دون التخدير بإبرة الظهر كن في واقع الحال يُرضعن أطفالهن عند سن ستة أشهر، بينما 53% من الأمهات اللائي تم تخديرهن بإبرة الظهر استطعن الإرضاع من أثدائهن بعد ستة أشهر من الولادة. وقال الباحثون في نتائجهم إن هذه النتائج تُضاف إلى مجموعة أخرى من الدراسات التي ربطت بين استخدام عقار فينتانايل fentanyl في مكونات عقاقير التخدير أثناء إبرة الظهر وبين شح إدرار الثدي لحليب رضاعة المواليد.
ووصفت الدكتورة سو جوردن، من جامعة سوانسي، في مقدمتها التحريرية على الدراسة في المجلة الدولية للرضاعة الطبيعية تأثيرات العقاقير الأفيونية مثل فينتانايل على الرضاعة الطبيعية بأنها تفاعلات سلبية. وطالبت بإعطاء مزيد من الدعم للأمهات الأكثر عرضة للتأثر، كي لا يُعاني أطفالهن من هذه التفاعلات السلبية البعيدة للعقاقير التخديرية تلك.
التخدير بإبرة الظهر
* ويُعتبر التخدير باستخدام إبرة الظهر، في منطقة ما فوق الجافية، أحد طرق تخفيف ألم المخاض والولادة. ويتم فيها إعطاء جرعات متواصلة من مواد التخدير الموضعي داخل أنبوب تجويف سلسلة فقرات الظهر، الذي يُوجد فيه الحبل الشوكي محاطاً بسائل مائي شفاف يُدعى السائل الدماغي الشوكي. والمعروف أن الحبل الشوكي القادم من الدماغ يمر في داخل أنبوب طويل مكون من سلسلة تجويفات الفقرات في الظهر. ويُغلف هذا الحبل غشاء يُسمى غشاء الجافية، يعمل على حماية الحبل الشوكي والأعصاب المتدلية منه. ويقوم طبيب التخدير بتسهيل إعطاء جرعات متواصلة من العقار المخدر في داخل أنبوب تجويف سلسلة فقرات الظهر، وتحديداً في المنطقة المحيطة بالحبل الشوكي، أي في المنطقة الخارجية التي يجري السائل الدماغي الشوكي فيها. وهذه الوسيلة التخديرية تختلف عن التخدير الشوكي spinal anesthesia، التي فيها يدخل الطبيب من منطقة جلد الظهر إلى داخل الحبل الشوكي، أي يخترق الغشاء الجافي المحيط بالحبل الشوكي. والنجاح في إتمام توصيل الجرعات المتواصلة من المواد المخدرة إلى هذه المنطقة يضمن فقد الإنسان للإحساس في منطقة البطن وما دون من الجسم، أي البطن والحوض والأطراف السفلى. ولذا فإن التخدير بهذه الطريقة في الولادة يُحقق عدم إحساس الأم بأي آلام في الولادة الطبيعية وفي الولادة القيصرية.
أمان ومضاعفات
* وسيلة التخدير هذه، لو تمت بنجاح على يد طبيب تخدير متمرس، تُعتبر آمنة على الأم والطفل وإتمام الولادة وما بعدها، ومفيدة أيضاً. لكن لها مخاطر ومضاعفات، لأنها تلغي إلى حد كبير شعور الأم بمراحل الطلق، وتقلل من قوة وتكرار انقباضات طلق الرحم، أي تتابع انقباضات الرحم، المهمة في تحفيز الأم ورحمها على لفظ الجنين وتسريع ولادته، ما قد يدفع الطبيب إلى اللجوء إلى استخدام ملاقط التوليد، أو إلى إعطاء مادة أوكسيتوسن oxytocin، التي تُسمى الطلق الصناعي. لكن أهم الآثار الجانبية هو احتمال انخفاض ضغط دم الأم لدى حوالي 1% من الحالات، وهو ما قد يُؤثر سلباً على الأم وجنينها. لكن عادة ما ينجح الأطباء في التعامل السليم معه طالما تم رصد ضغط الدم بشكل متكرر أثناء استخدام طريقة التخدير هذه.
ومن الصعب على الأم أن تقف على قدميها أو تمشي نظراً لتخدير الأطراف السفلى. وكذلك من الصعب عليها التبول إرادياً، ما يتطلب إدخال قسطرة البول. وهي ما تحمل عرضة الإصابة بالتهابات البول لدى 1% من الأمهات، ما يعني اعتماد الأم كلياً على الممرضات في عمل كثير من الأشياء.
كما أن الطبيب يطلب من الأم الاستلقاء فوق السرير على أحد جانبيها، ورفع الرأس والكتفين بزاوية بسيطة لا تتجاوز 30 درجة. إضافة إلى تثبيت أحزمة جهاز رصد الجنين الإلكتروني حول البطن، وسوار العضد لجهاز قياس ضغط الدم، وأنبوب تدفق السوائل عبر الوريد. وهي كلها قد تُزعج بعض الأمهات.
هذا كله في حال إتمام طبيب التخدير عمله بنجاح، وإلا فإن ثمة مضاعفات قد تحصل في منطقة دخول إبرة الظهر، كالالتهابات الميكروبية والنزيف أو إصابة أحد الأعصاب وغيرها.
للرفع
جزاج الله خير عالمعلومات سبحان الله اي شي مب طبيعي له مضاره