تاريخ النشر: الثلاثاء 14 ديسمبر 2024
الاتحاد
من بين أكثر عمليات التصحيح البصري التي يُسوَق لها في مختلف وسائل الإعلام من جرائد وإذاعات وقنوات فضائية ومواقع إلكترونية في وقتنا الراهن، عمليات الليزك. فهذه الحملات الإعلانية المحمومة التي تُروج لآخر ما توصل إليه علم جراحة العيون، نجحت فعلياً في جذب زبائن كُثر وجني أموال طائلة بفضل الإقبال المُتزايد عليها وشعبيتها المتنامية في مختلف البلدان والأوساط الاجتماعية. وقد تُقلل هذه العمليات من الحاجة إلى استخدام عدسات تصحيحية للبصر، كما أنها قد تُغني بعض الأشخاص عن استخدامها تماماً. لكن لا ينبغي أن نتغافل في الوقت ذاته عن أنها قد تكون وخيمةَ العواقب في بعض الحالات. فما الذي يجعل الشخص الذي يعاني مشكلة بصرية ما مؤهلاً لإجراء هذه العملية بأمان وضمان تحقيق النتائج التي يتوخاها؟ وما هي الحالات التي يكون فيها المرشح غير مؤهل للخضوع لها؟
إذا كنت قد تعبت من لبس النظارات أو العدسات اللاصقة، فقد تُفكر في عملية الليزك، وتتساءل مع نفسك هل هي مناسبة لك. وأول أمر ينبغي الإشارة إليه هنا هو أن هذا النوع من العمليات حقق نجاحاً باهراً ونتائج مُذهلة ومرضية لغالبية الناس الذين أجروها. غير أن هذه العملية ليست الخيار التصحيحي الأفضل لكل شخص، كما أنها لا تخلو من مخاطر.
التشخيص هو الأهم
عملية الليزك هي جراحة بصرية يقوم خلالها الجراح بإيجاد ثنية بقرنية العين، ثم يستخدم الليزر لإعادة تعديل شكل القرنية من خلال أداة دقيقة تسمى الميكروكيراتوم لإزالة طبقة رقيقة من سطح القرنية باستثناء جزء صغير منها يبقيها متصلة بالعين، ويستعمل بعد ذلك الإكزايمر ليزر لإزالة جزء من النسيج الداخلي للقرنية يُقدر حسب نوع عيب الإبصار ودرجته، ثم تُعاد الطبقة السطحية للقرنية لوضعها الطبيعي لتلتحم من دون الحاجة لأي غرز جراحية. وتُناسب جراحات الليزك أكثر الأشخاص الذين لديهم درجات معتدلة أو متوسطة من إحدى المشكلات البصرية الآتية:
– الحسر أو قصر النظر، والذي يرى فيه الشخص الأشياء القريبة بوضوح، لكنه يرى الأشياء البعيدة بشكل ضبابي وغير واضح.
– طول النظر، والذي يجعل الشخص يرى الأشياء البعيدة بوضوح، بينما يرى الأشياء القريبة بشكل ضبابي وغير واضح.
– اللابؤرية، والتي تُسبب للشخص رؤية ضبابية مُشوشة بشكل عام.
وتتوقف جودة نتيجة العملية أساساً على تشخيص العيب البصري بدقة وتقييم المشكلات البصرية بعد فحص العينين بعناية قبل إجراء العملية.
قصر النظر الشيخوخي
في منتصف الأربعينات من العمر، تُصاب عيون غالبية الأشخاص بدرجة معينة من صعوبة التركيز على الأشياء القريبة، فيصبح من الصعب عليهم مثلاً قراءة مطبوعة مكتوبة بحروف صغيرة أو القيام بإحدى المهام التي تتطلب رؤية الأشياء عن قرب. وقد تزيد هذه الحالة تفاقُماً بشكل تدريجي إلى أن يصل عمر الشخص إلى 60 عاماً. فإذا كُنت من الأشخاص الذين يُعانون هذه المشكلة، فإن عملية الليزك قد تمنحك القُدرة على رؤية الأشياء بوضوح، لكنها قد تُضعف في الوقت نفسه قُدرة عينيك على رؤية الأشياء القريبة بوضوح.
الرؤية الأحادية
للحفاظ على قُدرتك في رؤية الأشياء القريبة، فقد تختار تصحيح بصرك باللجوء إلى عملية الرؤية الأُحادية. فعند العلاج بالرؤية الأُحادية، يتم تصحيح إحدى العينين لترى الأشياء البعيدة، بينما يتم تصحيح العين الأخرى لترى الأشياء القريبة. لكن المشكلة الوحيدة هنا هو عدم قدرة جميع الأشخاص على التكيف مع هذه الحالة البصرية أو تحقيق التوازن البصري المنشود من خلالها. ولذلك فإنه يُفضل تجريب العدسات اللاصقة قبل الإقدام على إجراء عملية جراحية ينتج عنها تغيير للحالة البصرية بشكل دائم.
أخطار ومشاكل
من بين المخاطر الصحية التي تنطوي على عمليات الليزك الجراحية ما يلي:
– التصحيح بتفريط والتصحيح بإفراط واللابؤرية. فإذا أزال اللايزر أقل أو أكثر مما ينبغي إزالته من الأنسجة الداخلية من عينيك، فإنك لن تحصل على الرؤية الواضحة التي تسعى إليها أو كنت تتمنى الحصول عليها بعد العملية. ومن شأن إزالة أنسجة العين بشكل غير متكافئ إصابة الشخص باللابؤرية.
– اضطرابات الرؤية. فقد تجد صعوبة في الرؤية أثناء الليل بعد إجراء العملية الجراحية. إذ قد تتراءى لك هالات ضوئية حول الأنوار المتوهجة أو سطوع شديد أو رؤية مزدوجة للأشياء المحيطة بك.
– جفاف العينين. فعملية الليزك تُسبب تناقُصاً في إفراز الدموع. ولذلك فإنك قد تشعر بعد التعافي من آثار العملية بأن عينيك جافتان بشكل لم تألفه من قبل. وذلك بسبب قطع أعصاب القرنيّة خلال العلاج وحاجتها فيما بعد إلى فترة قد تصل إلى سنة يواظب الشخص طيلتها على استخدام قطرات مرطبة للعينين.
– مشكلات ثنية القرنية. فطي ثنية القرنية إلى الخلف أو إزالة الثنية من الجهة الأمامية لعينيك خلال الجراحة يمكن أن يتسبب في مضاعفات قد تشمل إصابة العين بعدوى ما أو انتفاخ أو نزول الدموع بغزارة.
مضاعفات ومحاذير
تزيد احتمالات الإصابة بمضاعفات بعد إجراء عملية الليزك إذا كان الشخص:
– لديه مشكلة صحية تُضعف قُدرته في التعافي والشفاء، كأن يكون مُصاباً بأحد الأمراض التي تؤثر على الجهاز المناعي بما فيها أمراض المناعة الذاتية مثل التهاب المفاصل الرثياني، وأمراض فقدان المناعة مثل الإيدز. فالإصابة بهذه الأمراض تزيد من احتمالات عدم تعافي الخاضع للعملية بشكل تام أو إصابته بعدوى ما أو مضاعفات صحية. كما أن تناوُل عقارات التثبيط المناعي تزيد هي الأخرى من احتمال ضعف نتيجة العملية الجراحية.
– يعاني جفاف العينين الدائم. فإذا كانت عيناك مصابتين بالجفاف بشكل مُزمن، فإن إجراء عملية الليزك قد يجعل وضع عينيك أسوأ، خصوصاً إذا كان الخاضع للعملية من النساء اللاتي تتجاوز أعمارهن 50 سنة.
– لديه حساسية من جراحة العين وتشريحها. فقد تكون عملية الليزك غير مُناسبة إذا كانت قرنية العين رقيقة جداً، أو إذا كان سطح القرنية غير مُنتظم إلى حد كبير، أو كان لديه قرنية مخروطية، وهي الحالة التي تكون فيها القرنية في حالة ترقق غير عادي وتبرُز بشكل مخروط إلى الأمام، أو إذا كان وضع الجفون في العينين غير طبيعي، أو كانت العينان غائرتين.
– لديه رؤية غير مستقرة. فقد تكون غير مؤهل لإجراء عملية الليزك إذا كان مستوى الضغط داخل عينيك عالياً جداً أو كانت جودة الرؤية تتغير كثيراً أو تسوء بوتيرة سريعة.
— حاملاً (المرأة) أو مرضعة. فالرؤية قد تتغير بشكل غير منتظم في فترات الحمل والإرضاع الطبيعي، مما يجعل نجاح العملية أمراً غير أكيد.
الخيار السيئ
قد تُعيد التفكير ملياً في قرار إجراء عملية الليزك في الحالات الآتية:
– إذا كانت رؤيتك جيدة. فلو كنتَ ترى جيداً وتحتاج إلى لبس النظارات أو العدسات اللاصقة أحياناً وليس طوال الوقت، فإن التحسن الذي تبتغيه من وراء عملية الليزك قد لا يكون في مستوى طُموحك، ولذلك فإن الأمر لا يستحق المجازفة.
– إذا كان بؤبؤ عينيك كبيراً. فعندما يكون البؤبؤان ميالين إلى الانفتاح بشكل واسع في العتمة أو الضوء الخافت، فإن عملية الليزك قد تؤدي إلى ظهور أعراض الوهن البصري مثل السطوع والهالات والظلال والأشباح.
– إذا كنت تُشارك في الرياضات الجماعية بشكل مكثف. فلو كانت الرياضة التي تُمارسها من النوع الذي قد يُعرضك لضربات في الوجه أو محيط العينين بشكل دائم، مثل الملاكمة أو الفنون القتالية، فإن إجراء عملية الليزك قد لا يكون من الحكمة بمكان.
– تكلُفة العملية. فمعظم درجات التأمين الصحي لا تُغطي تكاليف جراحات الرؤية التصحيحية.
عن موقع “mayoclinic.com”
ترجمة: هشام أحناش
تذكير لا بُد منه
في نهاية المطاف فإن أكثر شيء ينبغي أخذه بعين الاعتبار بالنسبة لكل من اقتنع بإجراء عملية الليزك هو أن نسبة نجاح العملية والحصول على التصحيح المثالي المرغوب يكمن في المقام الأول والأخير في تشخيص المشكلة البصرية بدقة وعناية قبل العملية.