بتاريخ 21/09/05 12:56 Am
السؤال سائلٌ مِن العراقِ يقول:
عندنا عندما يمرض شخصٌ يذهب إلى السادة، ويكتبون له أوراقا يُعلقونها في رؤوسِهم، فهل يجوز هذا أم لا ؟
كذلك الحلف: هناك مَن يحلف بغير الله، أو يحلفُ بهؤلاء السادة؛ فما الحُكم في ذلك ؟
الجواب تعليقُ التمائم على الأولاد؛ خوفا مِن العَين أو مِن الجنِّ أو مِن المرض: أمرٌ لا يجوز، وهكذا تعليقُ التمائم على المَرضى – وإن كانوا كبارًا -: لا يجوز؛ لأن هذا فيه نوعٌ مِن التعَلُّقِ على غير الله سبحانه وتعالى، وهو لا يجوز لا مع السادة ولا مَع غيرهم مِن الناس؛ لِما ثبت عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: " مَن تَعَلَّقَ تَمِيمةً؛ فلا أتَمَّ اللهُ له، ومَن تعلَّق ودَعَةً؛ فلا وَدَعَ اللهُ له "، وفي رواية عنه – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: " مَن تعلَّق تميمةً؛ فقد أشرك ".
والتمِيمة: هي ما يعلَّق على الأولادِ أو المرضَى أو غيرهم عن العين، أو عن الجن، أو المرض، مِن خَرز أو وَدع أو عِظام ذئبٍ أو طلاسم، أو غير ذلك، ويدخل في ذلك الأوراقُ المكتوبُ فيها كتابات حتى ولو كانت مِن القرآن – على الصحيح -؛ لأن الأحاديثَ عامة ليس فيها استثناء.
فالرسولُ – صلى الله عليه وسلم – عمَّمَ وأطلق، ولم يستثن شيئا؛ فدلَّ ذلك على أنَّ التمائمَ كلَّها ممنوعة، ولأن تعليقَ ما يُكتَب مِن القرآن أو الدعواتِ الطيبة وسيلةٌ لتعليق غيرها مِن التمائم الأخرى، وقد جاءتِ الشريعةُ الكاملةُ بسدِّ الذرائع المُفضِيَة إلى الشرك أو المعاصي.
والمشروعُ في هذا: أن يسألَ المسلمُ ربَّه العافيةَ، ويتعاطى الأدويةَ المباحة، ولا بأسَ أن يرقى مِن القرآن الكريم والأدعيةِ الطيبة؛ لقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: " لا بَأس بالرُّقَى ما لم تَكنْ شِركًا "، ولأنه – صلى الله عليه وسلم – رقى بعضَ الصحابة، ورقاه جبرائيل – عليه السلام -.
أما التعليقُ: فلا يجوز؛ لِما تقدَّم مِن الأحاديث، وهو مِن الشرك الأصغر، وقد يكونُ شِركًا أكبر إذا اعتقد المعلِّقُ أنَّ التمائمَ تدفَعُ عنه، وأنها تكفِيهِ الشرورَ دون الله عز وجل. أما إذا اعتقد أنها مِن الأسباب: فهذا مِن الشرك الأصغر. والواجبُ قطعُها وإزالتُها.
وكذلك الحلفُ بغير الله: لا يجوز، وهو مِن الشرك الأصغر – أيضًا -، وقد يكون مِن الشرك الأكبر إذا اعتقد الحالفُ بغير الله أن هذا المحلوفَ به مِثلُ الله، أو يَصحُّ أن يُدعَى من دون الله، أو أنه يتصرفُ في الكون مِن دون الله؛ فإنه يكون شِركًا كبير، نعوذ بالله مِن ذلك.
والحاصل: أن الحلِفَ بغير الله: لا يجوز، قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: " مَن كان حالِفًا؛ فَلْيَحْلِفْ باللهِ أو لِيَصْمُت "، وقال: " لا تحلِفُوا بآبائِكُم، ولا بأمَّهاتِكم، ولا بالأنداد ".
وقال – عليه الصلاة والسلام -: " مَن حلفَ بغير الله؛ فقد كَفَر أو أشرك "، وفى رواية: " مَن حلف بشيء دون الله؛ فقد أشرك "، وقال – عليه السلام -: " مَن حلَفَ بالأمانةِ؛ فليس منا "، وكلها أحاديث صحيحة عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم -.
وأدرك رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم – يومًا أصحابَه بالسفر يَحلِفون بآبائِهم، فقال لهم – عليه الصلاة والسلام – : " إنَّ اللهَ يَنهاكم أن تحلِفوا بآبائكم، مَن كان حالِفًا؛ فلا يحلِف إلا بالله، أو لِيصمتْ ".
وقال الإمامُ أبو عمر ابن عبدِ البَر – رحمه الله -، المُتوفَّى سنة 463هـ: إنَّ العلماءَ أجمعوا على أنه لا يجوزُ الحلفُ بغير الله، وهذا يدلُّ على أن الحلفَ بالأمانة، أو بالنبي – صلى الله عليه وسلم -، أو بالكعبة أو بحياة فلان، أو بشَرَف فلان، كلَّه لا يجوز، وإنما يكونُ الحلِفُ باللهِ وحده. والله الموفق.
[مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ ابن باز – المجلد الخامس: أسئلة وأجوبتها في العقيدة].
المفتي : الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز