قد تتعرض المرأة لبعض الظروف الخارجة عن العادة..فتصيبها بالحيرة من أمرها خاصة فيما يتعلق بأمور دينها عندما تحتار بين ما يجوز عمله وما لا يجوز..بين ما يجب وما لا يجب..ومن تلك الطوارئ (الاستحاضة)..
التعريف:
الاستحاضة: استفعال من الحيض.
لغةً : أن يستمرّ بالمرأة خروج الدّم بعد أيّام حيضها المعتاد ، يقال : استحيضت المرأة أي استمرّ بها الدّم بعد أيّامها ، فهي مستحاضة.
وشرعاً : سيلان الدّم في غير أوقاته المعتادة من مرض ، وفساد من عرق يسمّى " العاذل . قال ابن عابدين : وعلامته أن لا رائحة له ، ودم الحيض منتن الرّائحة . ويسمّون دم الاستحاضة دماً فاسداً ، ودم الحيض دماً صحيحاً.
الألفاظ ذات الصّلة:
الحيض:
الحيض دمٌ ينفضه رحم امرأةٍ بالغةٍ لا داء بها ولا حبل ، ولم تبلغ سنّ الإياس.
النّفاس:
النّفاس دمٌ يخرج عقب الولادة.
الاستحاضة وأحكامها:
* المستحاضة أمرها مشكل لاشتباه بدم الحيض بدم الاستحاضة.
فإذا كان الدم ينزل منها باستمرار أو غالب الوقت, فما الذي تعتبره منه حيضا وما الذي تعتبره استحاضة لا تترك من أجله الصوم والصلاة, فإن المستحاضة يعتبر لها أحكام الطاهرات؟
وبناءً على ذلك, فإن المستحاضة لها ثلاث حالات…
حالات المستحاضة :
الحالة الأولى:
أن تكون لها عادة معروفة قبل إصابتها بالاستحاضة, بأن كانت قبل الاستحاضة تحيض خمسة أيام أو ثمانية أيام _ مثلا _ في أول الشهر أو وسطه, فتعرف عدتها ووقتها.
فهذه تجلس قدر عادتها وتدع الصلاة والصيام, وتعتبر لها أحكام الحيض.
فإذا انتهت عادتها , اغتسلت وصلت, واعتبرت الدم الباقي دم استحاضة.
لقوله صلى الله عليه وسلم لأم حبيبة " أمكثي قدر ما كانت تحبِسُك حيضتك, ثم اغتسلي وصلِّي " (أخرجه مسلم) ولقوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبي حبيش " إنما ذلك عرق, وليس بحيض, فإذا أقبلت حيضتك , فدعي الصلاة…" (متفق عليه)
الحالة الثانية :
إذا لم يكن لها عادة معروفة, لكن دمها متميز, بعضه يحمل صفة الحيض, بأن يكون أسود أو ثخينا أو له رائحة.
وبقيِّتُه لا تحمل صفة الحيض, بأن يكون أحمر ليس له رائحة ولا ثخينا.
ففي هذه الحالة تعتبر الدم الذي يحمل صفة الحيض حيضا, فتجلس وتدع الصلاة والصيام.
وتعتبر ما عداه استحاضة, تغتسل عند نهاية الذي يحمل صفة الحيض, وتصلي وتصوم, وتعبرا طاهرا, لقوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبي حبيش " إذا كان دم الحيض, فإنه أسود يعرف, فأمسكي عن الصلاة, فإذا كان الآخر فتوضئي وصلّي …" (رواه أبو داود والنسائي وصححه ابن حبان والحاكم)
ففيه أن المستحاضة تَعْتَبِرُ صفة الدم, فتميز بها بين الحيض وغيره.
الحالة الثالثة:
إذا لم يكن لها عادة تعرفها ولا صفة تميز بها الحيض من غيره, فإنها تجلس غالب الحيض ستة أيام أو سبعة أيام من كل شهر, لأن هذه عادة غالب النساء, لقوله صلى الله عليه وسلم لحمنة بنت جحش: " إنما هي ركضة من الشيطان, فتحيَّضي ستة أيام أو سبعة أيام ثم اغتسلي, فإذا استنقأت فصلي أربعة وعشرين أو ثلاثة وعشرين, وصومي وصلي, فإن ذلك يجزئك, وكذلك فافعلي كما تحيض النساء" (رواه الخمسة وصححه الترمذي)
والحاصل مما سبق:
أن المعتادة تُرَدُ إلى عادتها, والمُمَيِّزةُ تردُّ إلى العمل بالتمييز, والفاقدة لهما تَحَيَّض ستاً أو سبعاً.
وفي هذا جمع بين السنن الثلاث الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم قي المستحاضة.
ما يلزم المستحاضة في حال الحكم بطهارتها :
1. يجب عليها أن تغتسل عند نهاية حيضتها المعتبرة حسبما سبق بيانه.
2. تغسل فرجها لإزالة ما عليه من الخارج عند كل صلاة, وتجعل في المخرج قطنا ونحوه يمنع الخارج, وتشد عليه ما يمسكه عن السقوط, ثم تتوضأ عند دخول وقت كل صلاة.
لقوله صلى الله عليه وسلم في المستحاضة: " تدع الصلاة أيام أقرائها, ثم تغتسل وتتوضأ عند كل صلاة " (رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي وقال حديث حسن ).
وقال صلى الله عليه وسلم : " أنعت لك الكرسف, فإنه يذهب الدم " والكرسف هو القطن.
ويمكن إستعمال الفوط الطبية الموجودة الآن.
الفرق بين الإستحاضة والحيض والنفاس:
أ – الحيض له وقتٌ ، وذلك حين تبلغ المرأة تسع سنين فصاعداً ، فلا يكون المرئيّ فيما دونه حيضاً ، وكذلك ما تراه بعد سنّ اليأس لا يكون حيضاً عند الأكثر ، أمّا الاستحاضة فليس لها وقتٌ معلومٌ .
ب – الحيض دمٌ يعتاد المرأة في أوقاتٍ معلومةٍ من كلّ شهرٍ ، أمّا الاستحاضة فهي دمٌ شاذٌّ يخرج من فرج المرأة في أوقاتٍ غير معتادةٍ .
ج – الحيض دمٌ طبيعيٌّ لا علاقة له بأيّ سببٍ مرضيٍّ ، في حين أنّ دم الاستحاضة دمٌ ناتجٌ عن فسادٍ أو مرضٍ أو اختلال الأجهزة أو نزف عرقٍ .
د – لون دم الحيض أسود ثخينٌ منتنٌ له رائحةٌ كريهةٌ غالباً ، بينما لون دم الاستحاضة أحمر رقيقٌ لا رائحة له .
هـ – دم النّفاس لا يكون إلاّ مع ولادةٍ .
الاستحاضة غالباً ما تحصل بالاستمرار ، وهو : زيادة الدّم عن أكثر مدّة الحيض أو النّفاس.
——————–
للتوسع حول الموضوع:
1. رسالة في الدماء الطبيعية للنساء / للشيخ/ محمد صالح العثيمين .
2. الاحكام الشرعية للدماء الطبيعية : الحيض ، الاستحاضة ، النفاس / تأليف عبدالله بن محمد بن احمد الطيار .
3.فتاوي تتعلق بالدماء الطبيعية / محمد بن ابراهيم آل الشيخ, جمع وترتيب دخيل الله بن بخيت المطرفي.
4/ (60( سؤالاعن احكام الحيض في الصلاة و الصيام و الحج و الاعتمار / اجاب عليها محمد بن صالح العثيمين .
5. المجموعة العلمية في العلوم الشرعية / اشراف لجنة الدراسات و الترجمة و النشر ، عمادة خدمة المجتمع ، الجامعة الاسلامية.
6.المرأة المسلمة : احكام فقهية حول الحجاب و الدماء الطبيعية و زكاة الحلي / محمد بن صالح بن عثيمين .