طابت أوقاتكم بكل خير يا أخواتيَ ، و مبارك عليكم الشهر الفضيل
أقدم لكم اليوم أداب الصيام ، عسى أن يتقبل الله منا و منكم صالح الاعمال
و عسى أن يغفر الله لنا و لوالدينا و للمسلمين و المسلمات الأحياء منهم و الأمواتَ
الأدب عنوان فلاح المرء، ومناط سعادته في الدنيا والآخرة, وأكمل الأدب وأعظمه هو الأدب مع الله جل وعلا بتعظيمه والقيام بأمره، لذلك فإن لكل عبادة أدب , فالصلاة لها أدب , والحج له أدب , والصوم كذلك له آداب عظيمة لا يتم إلا بها , ولا يكمل إلا بأدائها .
وآداب الصيام منها ما هو واجب يلزم العبد أن يحافظ عليها ويلتزم بها, ومنها ما هو مستحب يزداد العبد بفعله أجرا وثواباً, فمن الآداب الواجبة أن يقوم الصائم بما أوجب الله عليه من العبادات القولية والفعلية , ومن أهمها الصلاة المفروضة , التي هي آكد أركان الإسلام بعد الشهادتين , فيجب على الصائم المحافظة عليها , والقيام بأركانها وشروطها , وأدائها مع جماعة المسلمين , وكل ذلك من التقوى التي شُرع الصيامُ من أجلها .
ومن الآداب الواجبة : أن يجتنب الصائم جميع ما حرم الله عليه من الأقوال والأفعال, فيحفظ لسانه عن الكذب والغيبة والنميمة والسب والشتم وفحش القول, ويحفظ بصره عن النظر إلى المحرمات, ويحفظ أذنه عن الاستماع للحرام, ويحفظ بطنه عن كل مكسب خبيث محرم, فليس من العقل والحكمة أن يتقرب العبد إلى ربه بترك المباح كالطعام والشراب, ولا يتقرب إليه بترك ما حُرِّم عليه في كل حال, ولهذا قال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح : ( من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه )
وأمر الصائم بحفظ لسانه عن اللغو وفحش القول والجهل على الناس حتى وإن تعرض للأذى من غيره , فقال صلى الله عليه وسلم : ( الصيام جنة وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب , فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم … ) رواه البخاري ومسلم .
إذا فحقيقة الصيام ليست هي مجرد الإمساك عن المفطرات الحسية فقط , فإن ذلك أهون ما في الأمر , كما قال بعضهم : " أهون الصيام ترك الشراب والطعام " , وقال عليه الصلاة والسلام : ( رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش ) رواه الإمام أحمد وابن ماجه بسند صحيح .
فلا بد مع الصيام الحسي من حفظ الجوارح واستعمالها في مرضاة الله , وصدق القائل :
إذا لم يكن في السمع مني تصاونٌ
وفي بصري غضٌّ وفي منطقي صَمتُ
فحظي إذاً من صوميَ الجوع والظما
فإن قلتُ إني صمت يومي فما صُمت
قال جابر رضي الله عنه مبيناً حقيقة الصيام " إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمآثم , ودع أذى الجار , وليكن عليك وقار وسكينة يوم صومك , ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء " .
وأما الآداب المستحبة فمنها : السحور وهو الأكل آخر الليل , وسمي بذلك لأنه يقع في وقت السَّحَر , وقد أمر به صلى الله عليه وسلم فقال : ( تسحروا فإن في السحور بركة ) . متفق عليه
وهو الفاصل بين صيامنا وصيام أهل الكتاب , والسنة تأخيره , ويتحقق السحور ولو بشربة ماء .
ومن الآداب المستحبة : تعجيل الفطر ، قال صلى الله عليه وسلم : ( لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر ) .
متفق عليه
وينبغي للصائم أن يحرص على الدعاء عند فطره فإن للصائم عند فطره دعوة لا ترد , ويسن له أن يقول ( ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله ) كما روى ذلك أبو داود عنه صلى الله عليه وسلم .
ومن آداب الصيام المستحبة : كثرة قراءة القرآن والذكر والدعاء والصدقة , والاستكثار من أنواع الخير والعمل الصالح .
هذه بعض آداب الصيام , فلتحرص -أخي الصائم- على التأدب بها, وأن تحفظ صومك من كل ما يجرحه أو ينقص أجره , نسأل الله أن يرزقنا حسن الأدب معه , وأن يتقبل منا صيامنا وقيامنا، إنه جواد كريم ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين .
المصدر >>> https://ramadan.islamweb.net/ramadan/…icles&id=42698