و الله اعلم !
احتفظ بما اشتريت أو رد كما أخذت.
في ظل خلافته افتقد درعا وكانت غالية وعزيزة على نفسه رضي الله عنه وفي يوم من الأيام وجد هذه الدرع
فلما رآها علي عرفها فقال هذه درعي سقطت عن جمل لي في ليلة كذا في طريقي إلى صفين.
فقال الذمّي بل هي درعي يا أمير المؤمنين وفي يدي فكيف تدعي أنها لك.
قال علي إنما هي درعي لم أبعها لأحد ولم أهبها لأحد فكيف صارت لك…؟
قال الذمّي بيني وبينك قاضي المسلمين دعه يحكم بيننا فقال علي أنصفت
فهلمّ إليه.
انظروا إلى القضاء بين الخليفة والذمي .
جلس الأمير علي والذمي في مجلس القاضي شريح فلما صارا عنده في مجلس القضاء
قال شريح لعلي ما تقول يا أمير المؤمنين:
فقال علي وجدت درعي مع هذا الرجل سقطت منّي في يوم كذا في مكان كذا
وهي لم تصل إليه ببيع ولا بهبة فكيف صارت له…؟
فقال شريح للذمّي فما تقول أنت يا رجل فقال الذمّي:
الدرع درعي وهي في يدي ولا أتهم أمير المؤمنين بالكذب.
وبحكم الإسلام إذا اختلف شخصان فإن الحكم هو البينة على المدعي واليمين
على من أنكر وعلي رضي الله عنه يدعي أن هذه له ولا بد أن يأتي بالبينة
مثل الشهود يشهدون على أن هذه له.
إذا لم تكن لديه بينة فاليمين على من أنكر ويحلف الرجل بأنها له وتنتهي المسألة.
فالتفت شريح بكل أدب إلى أمير المؤمنين علي رضي الله عنه الصحابي الصادق العابد
العالم ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم ولا يمكن أن يكذب في دعواه لهذا قال له شريح:
لا ريب عندي في أنك صادق في ما تقوله يا أمير المؤمنين وأن الدرع درعك
ولكن لا بد لك من شاهدين يشهدان لك على صحة ما ادّعيت.
( هنا قضية لا بد أن نلتفت إليه وهي لا يجوز للقاضي أن يحكم بعلمه وقناعاته
وإنما يجب أن يكون مجردا من قناعاته ومعلوماته الشخصية حتى يحكم
بالدليل والبرهان. )
قال علي نعم لدي مولاي فنبر وولدي الحسن يعرفان هذا الدرع ويشهدان لي.
فقال شريح يا أمير المؤمنين شهادة الابن لأبيه لا تجوز.
أي لا يجوز أن يشهد الأصل للفرع ولا العكس في القضاء
ولا تقبل شهادة أحدهما للآخر.
فقال علي: سبحان الله رجل من أهل الجنة لا تجوز شهادته ألم تسمع
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة.
فقال شريح بلى يا أمير المؤمنين غير أنّي لا أجيز شهادة الولد لأبيه.
ثم التفت شريح إلى الذمي وقال له احلف فحلف وقال له شريح خذ الدرع.
فأخذ الذمي الدرع ومشى قليلا ثم رجع وقال والله إني لأشهد بأن الدرع لك يا أمير المؤمنين
ولكن أمير المؤمنين يقاضيني عند قاض هو عيّنه ، وقاضيه يقضي بالحكم لي عليه
أشهد أن الدين الذي يحكم بهذا لحق
أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله.
اعلم أيها القاضي أن الدرع لأمير المؤمنين فأنا تبعت الجيش وهم في طريقهم
إلى صفين وسقطت الدرع عن جمله الأورق فأخذته.
فقال له علي الكريم الجواد: أما إنك قد أسلمت فإني قد وهبتها لك
ووهبتك معها هذا الفرس أيضا.
فأخذ الذمّي الذي أسلم الدرع والفرس مسرورا بهما ولم تمض أيام حتى شوهد
هذا الذمّي يقاتل تحت لواء علي الخوارج يوم النهروان
واستشهد في تلك المعركة رحمه الله تعالى .
منقـول ،،