____________________
* السؤال : اعتاد بعض الناس الحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصبح الأمر عادياً عندهم ولا يعتقدون ذلك اعتقاداً فما حكم ذلك؟
الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله-
الحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم أو غيره من المخلوقات منكر عظيم، ومن المحرمات الشركية، ولا يجوز لأحد الحلف إلا بالله وحده .
وقد حكى الإمام ابن عبد البر رحمه الله الإجماع على أنه لا يجوز الحلف بغير الله، وقد صحت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بالنهي عن ذلك، وأنه من الشرك؛ كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فمن كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت)).
وفي لفظ آخر: ((فمن كان حالفاً فلا يحلف إلا بالله أو ليسكت)).
وخرج أبو داود والترمذي بإسناد صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك))، وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من حلف بالأمانة فليس منا))، والأحاديث في هذا الباب كثيرة معلومة، والواجب على جميع المسلمين ألا يحلفوا إلا بالله وحده ولا يجوز لأحد أن يحلف بغير الله كائناً من كان للأحاديث المذكورة وغيرها.
ويجب على من اعتاد ذلك أن يحذره وأن ينهى أهله وجلساءه وغيرهم عن ذلك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)) خرجه مسلم في صحيحه.
والحلف بغير الله من الشرك الأصغر للحديث السابق، وقد يكون شركاً أكبر إذا قام بقلب الحالف أن هذا المحلوف به يستحق التعظيم كما يستحقه الله، أو أنه يجوز أن يعبد مع الله ونحو ذلك من المقاصد الكفرية.. نسأل الله أن يمن على المسلمين جميعاً بالعافية من ذلك، وأن يمنحهم الفقه في دينه والسلامة من أسباب غضبه إنه سميع قريب.
https://www.binbaz.org.sa/mat/1685
* السؤال : هناك عادة لدينا، وهي: إذا ترجَّى أحد من أحد شيئاً فإنه يقول له مثلاً: والنبي أعطني هذا الشيء!! أو والنبي أرفع هذا الشيء! أي يستعطفه بالنبي صلى الله عليه وسلم، فهل مثل هذا القول جائز أم لا؟
الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله-
لا يجوز، هذا من الحلف بغير الله، والرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: (من حلف بغير الله فقد أشرك) وقال -صلى الله عليه وسلم-: (من كان حالفاً فلا يحلف إلا بالله أو ليصمت) .
فليس لأحد أن يحلف بالنبي -صلى الله عليه وسلم- ولا بالأمانة ولا بالملائكة ولا بأبيه ولا بحياة أبيه ولا بشرف أبيه ولا بالملوك، الحلف يكون الله وحده سبحانه وتعالى، فعليه التوبة إلى الله من ذلك، والحذر من العود إلى مثل هذه الأيمان، فلا يقول: والنبي أن تعطيني كذا لا والنبي أن تفعل كذا ولا والأمانة ولا بالأمانة ولا بالنبي كل هذه الأمور لا تجوز، الحلف يكون بالله وحده سبحانه وتعالى، يقول -صلى الله عليه وسلم-: (من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت) ويقول -صلى الله عليه وسلم-: (من حلف بشيء دون الله فقد أشرك) ويقول أيضاً عليه الصلاة والسلام: (من حلف بالأمانة فليس منا)، فالواجب على كل مسلم ومسلمة الحذر من الحلف بغير الله كائناً من كان.
https://www.binbaz.org.sa/mat/9718
* السؤال : نرجو من سماحتكم التفضل بتوضيح أنواع الشرك
وهل الحلف بغير الله شرك يخرج صاحبه من الملة؟
الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله-
الشرك نوعان: شرك أكبر وشرك أصغر .
فالشرك الأكبر: صرف العبادة لغير الله أو بعضها، كدعاء الأموات والاستغاثة بهم والنذر لهم أو للجن أو للملائكة هذا يقال له شرك أكبر، كما كانت قريش وغيرها من العرب يفعلون ذلك عند أصنامهم وأوثانهم .
ومن ذلك جحد الإنسان أمراً معلوماً من الدين بالضرورة وجوباً أو تحريماً فمن جحده كان كافراً ومشركاً شركاً أكبر .
كمن قال: الصلاة لا تجب على المكلفين من المسلمين، أو قال: الزكاة لا تجب على من عنده مال، أو قال: صوم رمضان لا يجب على المسلم المكلف .
أو أحل ما حرمه الله كما هو معلوم من الدين بالضرورة، كأن يقول: الزنا حلال، أو شرب المسكر حلال، أو عقوق الوالدين حلال، أو السحر حلال، أو ما أشبه ذلك.
فهذا يكون كافراً ومشركاً شركاً أكبر، القاعدة أن من صرف العبادة أو بعضها لغير الله من أصنام أو أوثان أو أموات أو غيرهم من الغائبين فإنه مشرك شركاً أكبر، وكذلك الحكم فيمن جحد ما أوجب الله، أو ما حرم الله مما هو معلوم من الدين بالضرورة مما أجمع عليه المسلمون، فهذا يكون كافراً ومشركاً شركاً أكبر. وكل من أتى ناقضاً من نواقض الإسلام يكون مشركاً شركاً أكبر كما قلنا.
أما الشرك الأصغر فهو أنواع أيضاً: مثل الحلف بغير الله، والحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم، وبالأمانة، وبرأس فلان، وما أشبه ذلك، فهذا شرك أصغر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((من حلف بشيء دون الله فقد أشرك))[1] وهكذا الرياء، يقرأ للرياء أو يتصدق للرياء، فهذا شرك أصغر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((أخوف ما أخاف على أمتي الشرك الأصغر)) فسئل عنه فقال: ((الرياء))[2]. وهكذا لو قال: ما شاء الله وشاء فلان بالواو أو لولا الله وفلان أو هذا من الله وفلان؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان، ولكن قولوا ما شاء الله وحده ثم شاء فلان))[3]. ولما قال رجل: يا رسول الله ما شاء الله وشئت، قال: ((أجعلتني لله نداً ما شاء الله وحده))[4].
وقد يكون الشرك الأصغر شركاً أكبر إذا اعتقد صاحبه أن من حلف بغير الله أو قال: ما شاء الله وشاء فلان، فإن له التصرف في الكون، أو أن له إرادة تخرج عن إرادة الله وعن مشيئته سبحانه، أو أن له قدرة يضر وينفع من دون الله، أو اعتقد أنه يصلح أن يعبد من دون الله وأن يستغاث به، فإنه يكون بذلك مشركاً شركاً أكبر بهذا الاعتقاد.
أما إذا كان مجرد حلف بغير الله من دون اعتقاد آخر، لكن ينطق لسانه بالحلف بغير الله؛ تعظيماً لهذا الشخص، يرى أنه نبي أو صالح أو لأنه أبوه أو أمه وتعظيمها لذلك، أو ما أشبه ذلك فإنه يكون من الشرك الأصغر وليس من الشرك الأكبر.
https://www.binbaz.org.sa/mat/4224