السجن بيت الوحدة,و أخو القبر من الرضاع,شماته للحاسد,و مناحه للصديق,يطوي العمر فيه طي السجل للكتب,تقف فيه عقارب الساعه فكأن اليوم شهر,و الشهر سنه,و كأن الشمس شدت بيد,بل في السجن يركد الخاطر ركود حائطي السجن,و تذوب النفس,و تلين العريكه و تنقطع الآمال.
في الحبس تذاق حياة البرزخ..كل شيء قديم,لا جديد الا وجه السجان اذا استلم نوبته,و لا أخبار الا رؤى المنام,و لا براهين الا أماني و ان هم الا يظنون.
اليجن يستحث الشيب و يجلب الهرم,و يساوم على النفس في سوق الموت,السجين لا حى فيدعى , و لا ميت فينعى,و لا مريض فيعاد,و لاى صحيح فيزار.
و لكن الحبس أيضا مدرسة للصبر,و مجلبة للأجر,و كتاتيب لتجارب, فيه تغرر الفكرة,و تدر العبرة, و تقلم أظفار الشهوات, و تباد خضراء المعاصي.
في السجن تعرف الحياة كما هي ,و تنزل النفس منزلتها فتجتث فيه,شجرة الكبر,و تحرق فيه أسمال الرياء,ة تظهر فيه زهادة المال,و حقارة المنصب و تفاهة الجاه,و ضآله الناس.
الحبس كير يذهب خبث الحديد,و كي للروح بميسم القدرة يحرق غدد الغرور,و في الحبس تتسابق الدموع الصادقة,لتروى خدود اللوعة , و أجفان الانتظار,و لسان الحال يقول:ذهب الظمأ و أبتلت العروق,و ثبت الاجر ان شاء الله..: