السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
شيخنا الكريم أعمل فى شركة بترول وهي قطاع أعمال مشترك ويوجد لدينا نظام للعلاج الأسرى يتم فيه خصم مبلغ شهرى من مرتب العاملين يعتمد على عدد أفراد الأسرة وهو مبلغ زهيد لا يتجاوز 20 جنيه لأقصى عدد أفراد
ثم يتم دفع قيمة الكشوفات والأدوية للعاملين بناء على فواتير وتقارير طبية فى حدود ميزانية معينة تحددها لوائح الشركة وتختلف أيضا القيمة العظمى باختلاف عدد أفراد الأسرة.
كما يتم أيضا المساهمة فى قيمة العمليات الجراحية بحد أقصى مساهمة واحدة فى العام ويتم المساهمة فى النظارات الطبية طبقا أيضا لنظام معين.
ولكن أثناء حضورى أحد الدروس العلمية أجاب الشيخ على إحدى الفتاوى بأن هذه الأنظمة تماثل فى هيئتها عقود التأمين وهى من الميسر حيث يخصم من العامل قيمة معلومة ولو صغرت ولا يعلم ما سيتحصل عليه لأنه مبني على الغيب حتى ولو تأكد للعامل أنه سيقوم بصرف جميع الميزانية فربما يطرأ جديد يحول بينه وبين الحصول على تلك المنفعة
كما أشار الشيخ أيضا أن الشركة تقوم بجمع الأموال من العاملين وضمها إلى أموالها والانتفاع بها لحين تقدم عامل بفواتير أو إيصالات تقوم الشركة بموجبها بصرف القيمة
وأفاد أنه لكي يكون هذا الأمر مشروعا ينبغى على الشركة أن تتوقف عن استقطاع الاشتراك وإن أرادت المساهمة مع العاملين فلتفعل على سبيل الامتيازات المقدمة للعاملين.
أرجو منكم النصيحة وبيان حكم هذا التعامل من الجهة الشرعية وبيان الفارق بينه وبين التأمين إن وجد.
والله أعلم.
خلاصة الفتوى:
التأمين الصحي الذي تقوم به الشركات لا يختلف عن التأمين الصحي الذي يوجد في شركات التأمين التجاري.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالنظام الذي يسأل عنه السائل نظام معروف في الشركات وحقيقته أنه تأمين صحي على الموظفين.
فتقوم الشركة باستقطاع مبلغ التأمين – القسط الشهري – من رواتب الموظفين مقابل تأمين مصاريف العلاج والدواء والعمليات ونحو ذلك. وهذا نفسه هو ما تقوم به شركات التأمين التجاري.
فإنها تجمع أقساط المؤمنين حتى إذا اجتمع عندها مال كثير استثمرت ذلك في البنوك الربوية عن طريق القروض ذات الفوائد ثم تدفع من أرباحه الفائقة الوفيرة ما يلزمها تجاه المؤمنين. وتحوز الباقي إلى خزائنها.
وقد أفتت المجامع الفقهية المختلفة بأن عقود التأمين التجاري بكل أنواعه عقود محرمة لاشتمالها على الغرر الميسر والربا وراجع ذلك في الفتوى رقم:2593.
وبناء على ما تقدم في الأمر فإذا كان التأمين الموجود في الشركة التي يعمل بها السائل اختياريا فلا يجوز له الاشتراك فيه.
أما إن كان إجباريا فلا إثم عليه، لكن عليه ألا يستفيد من مبلغ التأمين إلا بقدر ما سحب منه أو ما كان مجرد هبة من الشركة. وراجع الفتوى رقم:103574.
والله أعلم.
(مركز الفتوى)
************************************************** ************
حكم الاشتراك في التأمين الصحي
أنا مهندس ومشترك في مشروع التأمين الصحي الخاص بنقابة المهندسين بالقاهرة… وقد علمت أن بعض أنواع التأمين محرمة وبعضها يدخل في نطاق التعاون المباح …. وأريد أن أعرف هل التأمين الصحي الذي أنا مشترك فيه يدخل في نطاق المباح أم المحرم….. نظام التأمين في النقابة كما يلي….يدفع العضو 75 جنيه مصري سنويا …ويأخذ بقيمة ال75 جنية كوبونات يستطيع بها الكشف في عيادات الأطباء المشتركين في مشروع النقابة في جميع التخصصات الطبية…و تبيح هذه الكوبونات الكشف 5 مرات خلال العام…وإذا أراد العضو أن يكشف أكثر من هذه المرات يستطيع أن يشتري 5 كوبونات جديدة…..وإذا لم يستخدم العضو الكوبونات أو بعضها فإنه يحتفظ بها أو يمكنه أن يعيدها للنقابة لكن بدون استعادة قيمتها …..هذا بالنسبة للكشف الطبي….أما عن العمليات الجراحية أو التحاليل والأشعات فإن النقابة تشترك مع العضو بجزء من قيمتها أو بكامل القيمة ( وهذا يتوقف علي نوع العملية وتكلفتها ودرجة الرعاية والمستشفي ) كما أن نسبة مشاركة النقابة في كل عملية محددة سلفا….فمثلا تشترك النقابة في تكاليف عملية الولادة بنصف التكاليف…وبعض العمليات لا تشترك فيها النقابة مطلقا مثل العمليات التجميلية………. السؤال هو هل هذا التأمين بالكيفية التي وصفتها حلال أم حرام؟ وإذا كان هناك أي معلومة أخري ترغبون في معرفتها لكي تتمكنوا من تحديد مدي مشروعية هذا التأمين يمكنني أن أرسلها في سؤال لاحق بإذن الله وجزاكم الله خيرا .
الجواب :
الحمد لله
عقود التأمين التجاري ، ومنه التأمين الصحي الوارد في السؤال ، تعد من الميسر المحرم ؛ لاشتمالها على الجهالة والغرر ، وحقيقتها قائمة على أكل أموال الناس بالباطل ، والواجب على كل مسلم الابتعاد عن مثل هذه العقود الماحقة لكل بركة ، المؤذنة بالخراب وضياع الحقوق .
فهذا التأمين التجاري يعد عقدا من عقود المعاوضات المالية الاحتمالية ، المشتملة على الغرر كما أنه ضرب من ضروب المقامرة ؛ لما فيه من المخاطرة في معاوضات مالية ، ومن الغرم بلا جناية أو تسبب فيها ، ومن الغنم بلا مقابل ، أو مقابل غير مكافئ .
كما أن فيه أخذ مال الغير بلا مقابل ، والأخذ بلا مقابل في عقود المعاوضات التجارية محرم ؛ لدخوله في عموم النهي في قوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ) النساء/29
كما أن فيه إلزاما بما لا يلزم شرعا ؛ فإن شركة التأمين لم يحدث الضرر من ناحيتها ، ولم تتسبب هي في حدوثه حتى تضمن هذا الضرر الذي لحق بالمُؤَمِّن . ولم تبذلك ـ كذلك ـ عملا تستحق به المال الذي حصلت عليه في هذه المعاوضة ؛ فكان ما تأخذه أكلا للمال بالباطل .
راجع : "فتاوى اللجنة الدائمة" (15/246-248) (15/298) – "مجلة مجمع الفقه الإسلامي" (2/471) – "أبحاث هيئة كبار العلماء" (4/93-142)
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (15/297) :
" لا يجوز للمسلم أن يؤمّن على نفسه ضد المرض ، سواء كان في بلاد إسلامية أم في بلاد الكفار؛ لما في ذلك من الغرر الفاحش والمقامرة " انتهى .
وقد نظر مجمع الفقه الإسلامي في دورته الأولى المنعقدة في 10 شعبان 1398هـ بمكة المكرمة بمقر رابطة العالم الإسلامي في موضوع التأمين بأنواعه المختلفة بعد ما اطلع على كثير مما كتبه العلماء في ذلك ، وبعد ما اطلع أيضا على ما قرره مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية في دورته العاشرة بمدينة الرياض بتاريخ 4/4/97هـ. بقراره رقم (55) من التحريم للتأمين التجاري بأنواعه .
وبعد الدراسة الوافية وتداول الرأي في ذلك قرر مجلس المجمع الفقهي بالإجماع عدا فضيلة الشيخ مصطفى الزرقاء تحريم التأمين التجاري بجميع أنواعه سواء كان على النفس أو البضائع التجارية أو غير ذلك .
"مجلة مجمع الفقه الإسلامي" (2/471)
وقد سئل الشيخ ابن جبرين رحمه الله)
ما حكم التأمين الصحي ؟ حيث إن الدولة تأخذ أو تقتطع جزءا من أجر العامل لصالح صندوق الضمان الاجتماعي (التأمين) بشكل إجباري ، وما حكم استرجاع ثمن الأدوية من هذا الصندوق كتعويض ؟
فأجاب :
" إن التأمين كله بدعة ، وعمل حادث لا أصل له في الشرع ، سواء التأمين على الأنفس عن الحوادث وللعلاج ، أو على المال أو على السيارات أو على الأولاد ، وذلك أنه داخل في الغرر ، وأكل المال بالباطل ، وقد قال الله تعالى: ( وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) وهذا الوصف ينطبق على شركات التأمين ، فإنها تفرض على الشخص ضريبة شهرية أو سنوية ، وتأكلها سواء احتاج إليها الشخص أم لا ، ولا تردها عليه ، ولو دفعها عدة سنين ولم يحتج إليها ، مما يحمل الكثير على التهور ، والوقوع في الأخطار ، لتدفع عنهم الشركة ما أخذت منهم ، وفيه الغرر على الشركة ، وعلى الأفراد ، فعلى الإنسان أن يعتمد على الله ، ويجتنب أسباب العطب والهلاك والتلف ، ويحافظ على الصحة ، ويحمي نفسه مهما استطاع ، ليسلم من الأمراض ومن الحوادث والأعراض ، فإذا أصابه شيء بقضاء وقدر فإن عليه الرضا بالقضاء ، وعليه أن يفعل الأسباب المباحة في التداوي ، ويصبر على تكلفة العلاج ، فهو أيسر من فعله مع أهل التأمين بدفع أموال كثيرة ، وقد لا يحتاج إلى الشركة فتذهب تلك الأموال بلا فائدة "
انتهى من موقع الشيخ ابن جبرين .
أما التأمين التعاوني : وهو الذي يتكون من تبرعات من المحسنين ، ويقصد به مساعدة المحتاج والمنكوب ، ولا يقصد منه الربح ، أو المعاوضة المالية ، فهذا مباح لا إشكال فيه ؛ لأنه تبرع محض ، داخل في قوله تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) المائدة/2 ، وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ ) رواه مسلم (2699)
قال الشيخ ابن عثيمين :
التأمين التعاوني لا يقصد به المرابحة وإنما يقصد به التعاون على النكبات والحوادث .
وأما التأمين التجاري فالغرض منه المرابحة ، وهو من الميسر الذي حرم الله عز وجل في كتابه ، وقرنه بالخمر والأنصاب ( أي الأصنام ) والاستقسام بالأزلام " انتهى .
(موقع الإسلام سؤال وجواب)