السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما في الركعتين الأوليين من الصلاة الرباعية؛ كالظهر والعصر والعشاء، كذلك الأوليين من المغرب؛ فيشرع أن يقرأ بعد الفاتحة ما تيسر من القرآن، أما أن يقرأ سورة كاملة أو بعض سورة، ولو اقتصر على آية؛ فلا بأس، لكن كلما كانت القراءة أطول؛ كان أفضل في الظهر والعصر والعشاء، أما المغرب؛ فينبغي أن تخفف القراءة بعد الفاتحة في الركعتين الأوليين، وإذا قرأ فيهما قراءة طويلة بعض الأحيان؛ فهذا سُنَّة؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ في المغرب بـ(المرسلات)، وقرأ بـ(الطور) وبـ(الأعراف) [رواه البخاري في "صحيحه"] قسمها بين الركعتين، ولكن الغالب أنه يقرأ في صلاة المغرب في الأوليين بقصار السور.
أما في الركعتين الأخيرتين؛ فلا يشرع أن يقرأ بعد الفاتحة بشيء من القرآن، بل يقتصر على قراءة الفاتحة في الركعتين الأخيرتين؛ هذه سُنَّة النبي صلى الله عليه وسلم، كما في حديث أبي قتادة وغيره: ( أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يقرأ في الركعتين الأخيرتين من الرباعية والثالثة من المغرب شيئًا من القرآن بعد الفاتحة، وإنما كان يقتصر على الفاتحة ).
طريق الإسلام / للشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله
قول أهل العلم في ما يقرأ في الركعتين الأوليين من الفرض
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اتفق فقهاء المالكية والشافعية والحنابلة على أنه يسن قراءة شيء من القرآن بعد سورة الفاتحة في الصلاة، فإن لم يقرأ أجزأته صلاته، وذلك لما روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "في كل صلاة يُقرأ، فما أسمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أسمعناكم، وما أخفى عنا أخفينا عنكم، وإن لم تزد على أم القرآن أجزأت، وإن زدت فهو خير لك".
وذهب الحنفية إلى وجوب قراءة أقصر سورة من القرآن، أو ما يقوم مقامه بعد الفاتحة، وأقصر سورة في القرآن مقدارها ثلاث آيات.
وقول الجمهور أرجح لقوة دليله، وضعف الحديث الذي استدل به الأحناف، واتفق الفقهاء الأربعة على أن محل القراءة هو الركعتان الأوليان من صلاة الفرض، لحديث أبي قتادة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم: "كان يقرأ في الظهر في الأوليين بأم الكتاب وسورتين، وفي الركعتين الأخريين بأم الكتاب، ويسمعنا الآية، ويطول في الركعة الأولى ما لا يطول في الركعة الثانية، وهكذا في العصر، وهكذا في الصبح" رواه البخاري.
ويُسن تطويل القراءة في الركعة الأولى على الثانية عند جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة، ومحمد بن الحسن من الحنفية، لحديث أبي قتادة السابق، ولعل السبب في ذلك ما ذكره ابن حجر في فتح الباري حيث قال: قال الشيخ تقي الدين: كان السبب في ذلك أن النشاط في الأولى يكون أكثر فناسب التخفيف في الثانية حذراً من الملل. ا.هـ.
وقال أيضاً: وروى عبد الرزاق عن ابن جريح عن عطاء قال: إني لأحب أن يُطول الإمام الركعة الأولى من كل صلاة حتى يكثر الناس. ا.هـ.
قراءة السورة في الثالثة والرابعة عند الأحناف
ذكر اتفاق فقهاء المذاهب الأربعة ومنهم الحنفية على أن محل قراءة السورة هو الركعتان الأوليان من الرباعية والثلاثية، والمراد أن المصلي مطالب على وجه السُّنيّة بقراءة سورة بعد الفاتحة أو شيء من القرآن في الأوليين من الرباعية والثلاثية، هذا عند المالكية والشافعية والحنابلة، ويجب عليه ذلك عند الأحناف، لكن قراءة السورة أو شيء من القرآن بعد الفاتحة في الثالثة والرابعة أمر جائز عند الأحناف أيضاً. قال في الدر المختار وهو حنفي عند ذكر واجبات الصلاة قال: وهي قراءة فاتحة الكتاب وضمّ سورة في الأوليين من الفرض. قال الشارح: وهل يكره في الأخريين المختار لا. انتهى. أي المختار من القولين ـ وهما كراهة قراءة سورة بعد الفاتحة في الثالثة والرابعة وعدم كراهته ـ القول المختار أنه لا يُكره ذلك .
وخلاصة القول أن قراءة السورة سواء كانت قصيرة أو طويلة في الثالثة والرابعة أمر جائز عند الأحناف، إلا أنه غير مطلوب.
والله أعلم .
إسلام ويب / مركز الفتوى
سبحانك اللهم ربّنا وبحمدك أشهد أن لا إله إلاّ أنت أستغفرك وأتوب إليك