السؤال:
آمل منكم التكرم بإفادتنا في هذه المسألة : أنا مشترك منذ فترة في بطاقة الائتمان المعروفة " أميركان إكسبريس " ، وكنت أسدد مستحقات هذه البطاقة بصفة منتظمة ، وبالتالي لم يكن لدي أي مشكلات مالية معها ، إلى أن حدث وكنت مسافراً لمدة سنة خارج المملكة ، واستخرجت بطاقة ائتمان جديدة ، فأرسلتُ إلى " الأميركان إكسبريس " طالباً إلغاء مبلغ مستحق – حوالي 250 ريالاً – أو إلغاء بطاقتي ، ولم أحصل على إجابة منهم ، وانشغلت عن متابعة طلبي بحكم مشاغل تواجدي في الخارج ، وثقتي بأنهم إما سيلغون البطاقة فلا يتبقى لي سوى المبلغ المذكور لأسدده لهم لاحقاً دون زيادة ، أو أنهم سيلغون المبلغ فلا تكون لهم عندي أي مستحقات ، إلى أن فوجئت بكشف حساب يصلني منهم قبل شهرين – تقريباً – يطالبني بسداد مستحقات مالية متأخرة عن ذلك المبلغ ، والمشكلة أنهم فرضوا عليَّ دفع فوائد على المبلغ المتأخر لبضعة أشهر وصلت إلى حوالي 500 ريال ! وأنا هنا في حيرة وتساؤل : هل يصح شرعاً دفع المبلغ الزائد الذي يطالبون به كفائدة مقابل تأخيري في سداد المبلغ الأصلي ؟ هل يعتبر ذلك رباً ؟ وإذا كان جوابكم بنعم ولا يجوز دفع تلك الفائدة لهم : فكيف يكون الإجراء الذي أتخذه ؟ علماً بأنهم يتوعدونني في حالة عدم السداد بوضع اسمي في " قائمة الممتنعين عن الدفع " والتي يتم تداولها بين البنوك ومؤسسة النقد السعودي ، مما قد يضرني مستقبلاً في تعاملاتي المالية مع هذه الجهات . أرجو إفادتي ، وجزاكم الله خيراً .
الجواب:
الحمد لله
أولاً:
بطاقة الائتمان هي بطاقة معدنية أو بلاستيكية ممغنطة، عليها اسم حاملها، وتاريخ إصدارها، وتاريخ نهاية صلاحيتها ، ورقم سري لا يعرفه إلا حاملها
وهي مستند يعطيه مُصدِرُه ، لشخص طبيعي أو اعتباري – بناء على عقد بينهما – يمكنه من شراء السلع ، أو الخدمات ممن يعتمد المستند ، دون دفع الثمن حالاً ، لتضمنه التزام المُصْدِر بالدفع .
"بطاقة الائتمان" للشيخ بكر أبو زيد ( ص 3 ، 4 ) .
ثانياً:
منظمة : " أمريكان إكسبريس " تمنح تراخيص إصدار ثلاثة أنواع من البطاقات هي :
1. بطاقة أمريكان إكسبريس الخضراء .
2. بطاقة أمريكان إكسبريس الذهبية .
3. بطاقة أمريكان إكسبريس الماسية .
وبطاقات هذا النوع الائتمانية يمكن جعلها في قسمين :
القسم الأول : بطاقات الائتمان العادية ، ويقال : بطاقة الاعتماد الشهري ، أو الخصم الشهري.
وحقيقتها : بطاقة محلية ، ودولية ، تصدر برسوم اشتراك ، ورسوم تجديد ، تُمَكِّن حاملَها من استخدامها في المحلات التجارية للشراء ، أو تلقي الخدمات في مكاتب الطيران ، أو الفنادق ، أو المطاعم … ونحوها .
كما يمكن استخدامها على نحو بطاقة الصراف الآلي للسحب بواسطة الصراف الآلي ، أو أنظمة التحويل الإلكتروني ، ولا يلزم للحصول عليها وجود حساب لحاملها لدى البنك المُصْدِر لها ، بل البنك يقرضه مبلغاً له حد أعلى ويسمى في اصطلاحهم : "الخط الائتماني" .
ويطالب البنك – المُصْدِرُ لها – حاملَها بتسديد مسحوباته خلال مدة لا تزيد عن شهر غالباً ، وفي حال المماطلة يقوم بالبنك بمطالبته ، ويلغي البنك البطاقة ، ويرتب عليه فوائد التأخير .
فهذه البطاقة تعتمد العناصر الآتية :
1. لا يلزم لإصدارها وجود حساب للعميل في "بطاقة أمريكان إكسبريس" و"الداينرز كلوب" ، وقد تشترط بعض جهات الإصدار ذلك .
2. يقوم البنك بإقراض العميل – حامل البطاقة – مبلغاً له حد أعلى يسمى : "الخط الائتماني".
3. يلزم حاملها بالتسديد خلال شهر غالباً .
4. يلزم حاملها بدفوعات أربعة : رسم الاشتراك ، ورسم التجديد ، وفوائد الإقراض ، والتأخير .
في حال عدم التسديد يطالب قضائيّاً ، وتلغى عضوية حاملها أو تسحب منه البطاقة .
القسم الثاني: بطاقات الائتمان القرضية ، ويقال : بطاقة الائتمان ، أو بطاقة التسديد بالأقساط.
وهذه أقوى البطاقات انتشاراً ، وهي آخرها إصداراً ، وأكثرها رواجاً ، خاصة في الدول الصناعية ، والمتحضرة ، وينصرف إليها مصطلح : " بطاقة الائتمان " عند الإطلاق .
وحقيقتها مثل : " بطاقة الخصم الشهري " كما تقدم .
لكن تفترق عنها بأن هذه البطاقة يكون التسديد فيها غير محدد بشهر مثلاً ، لكنه ديْن متجدد على شكل دفعات ، بحيث تعطي العميل – حامل البطاقة – قدرة على استخدامها ، ما دام منتظماً بتسديد الفوائد المستحقة عليها شهريّاً ، وهي أكثر" البطاقات " فرضاً للفوائد على حاملها ، لهذا فهي تغل ربحاً مجزياً لمُصْدِرها .
وهذه البطاقة تعتمد العناصر الآتية :
1. لا يلزم لإصدارها وجود حساب للعميل .
2. يقوم البنك – المُصْدِرُ لها – بإقراض العميل – حامل البطاقة – مبلغاً له حد أعلى يسمى :
" الخط الائتماني " .
3. التسديد يكون بالتقسيط على شكل دفعات ، وليس محدداً بشهر .
4. يلزم حاملها بدفوعات أربعة : رسم الاشتراك " العضوية " ، ورسوم التجديد ، وفوائد الإقراض ، وفوائد التأخير .
" بطاقة الائتمان " ( ص 8 – 11 ) .
وبعد معرفة طبيعة هذه البطاقة ، فالمشاركة فيها حرام ؛ لوجود القرض الذي يجر منفعة ربوية ؛ ولوجود شرط الغرامة في حال التأخر في السداد إذا انتهت مدة الإمهال.
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
هناك بطاقة لتسهيل الأعمال المالية في الدول الغربية ، بحيث تجعل الفرد يستغنى عن حمل نقود معه ، فبهذه البطاقة يستطيع شراء أي شيء يريد ، ثم في آخر كل شهر تأتيه فاتورة بالمبالغ التي صرفها ، فيسددها كاملة بدون أي فائدة ربوية ، وفي هذه العملية حماية للفرد من سرقة أمواله ، ولكن هناك شرط لأخذ هذا الكرت ، وهو في حالة التأخر عن تسديد قيمة الفاتورة مدة تزيد عن 25 يوماً : فلهم الحق في أخذ نسبة فائدة ربوية عن كل يوم تأخير ، فهل يجوز أخذ هذا الكرت ، علماً أنه من الممكن جدّاً تلافي الوقوع في الربا ، بتسديد الفاتورة خلال الخمسة والعشرين يوماً ، والمعطاة كمهلة للتسديد ؟ .
فأجابوا :
"إذا كان الواقع كما ذكر : فلا يجوز التعامل المذكور ؛ لما فيه من التعاقد على الربا ، والدخول عليه ، باشتراط فوائد تدفع زيادة على المبلغ الذي سدده عنه معطي البطاقة في حالة التأخير" انتهى.
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 13 / 524 ) .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
هناك بطاقات ائتمانية تصدرها بعض البنوك ، وشركات الصرافة ، هذه البطاقة يستفاد منها عند السفر للخارج يسدد بها حساب البنوك ، أو بعض المشتريات من الأسواق ، فعندما تأتي الفواتير تخصم من حسابه في البنك ، أو الشركة ، وأحياناً يكون رصيده لا يغطي فيبقى عليه مبالغ للبنك ، فالبنك يتحصل عليها فوائد ربوية بنسب معينة ، أحياناً تكون عن غير قصد من هذا الشخص فما حكمها ؟ وماذا يعمل من حدث له ذلك في السابق ؟ .
فأجاب :
"هذه المعاملة حرام ؛ لأنها معاملة على التزام الربا ، وهو إن كان يدفع قبل أن يحل عليه الربا ، لكنه قد دخل على التزام الربا ، فهي حرام ، ومن وقعت منه وكان هو المستفيد : فالزائد الربوي هذا يتصدق به بنية التخلص منه ، وإذا كان هو المظلوم والذي أخذ منه ظالم : فتوبته تكفي ؛ لأنه مظلوم وليس بظالم" انتهى.
" لقاءات الباب المفتوح " ( 17 / السؤال رقم 19 ) .
وقال الشيخ بكر أبو زيد حفظه الله :
"إن " بطاقة الائتمان " بأنواعها : فيزا ، أمريكان إكسبريس ، ماستركارد ، أو غيرها ، جميعاً في حقيقتها عقد ربوي ، مبني على الاستتار بالبطاقة التي اتفقت أطرافها الثلاثة أو الأربعة على : التعاون على الإثم والعدوان ، وأكل الربا ، والله سبحانه يقول : (وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) الأنفال/71 .
وهنا خانوه من قبل بالقرض بالفائدة علناً دون تغليفها " ببطاقة ائتمان " ، ثم غلفوه بما يسمي: "بطاقة الائتمان" ، وكلاهما تحايل على انتهاك محارم الله ، وقد صب الله غضبه ، ولعنته على من استحل محارمه بالحيل من اليهود ، فقال سبحانه : (فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ) المائدة/13" انتهى.
" بطاقة الائتمان " للشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد ( ص 24 ) .
رابعاً:
بعد أن علمتَ حكم الاشتراك في البطاقة المسئول عنها : فإنه يلزمك التوبة الصادقة ، وبخصوص الغرامات : فإنه لا يجوز لك دفعها لهم ؛ لأنها ربا، فإن استطعت التخلص من دفعها : فافعل ذلك ، ولا حرج عليك ، وإن كان يلحقك ضرر جراء عدم دفعها : فادفعها ، واحتسبها عند الله ، ونسأل الله أن يعوضك خيراً منها .
وانظر الفتوى في ذلك في جواب السؤال رقم : ( 824 ) .
والله أعلم