أن نفرك أذن الطفل إذا ارتكب خطأ، ولكن هل سألنا أنفسنا يوما: ما أهمية الأذن التي نفركها؟ وهل ما نفعله خطأ أم صواب؟ سنقف قليلا في مقالنا هذا مع الأذن، ونتحدث عن كيفية استثمارها تربويا، ونبين الحقائق العلمية لهذه الحاسة المهمة؛ لأننا لو تأملنا في كل الحواس مثل: (اللمس، والبصر، والشم، والتذوق، والسمع)؛ لاكتشفنا أن كل الحواس يمكننا تعطيلها إلا حاسة (السمع)، فهي الحاسة الوحيدة التي لا يمكننا إغلاقها تماما، حتى ولو وضعنا أصابعنا فيها كما كان يفعل قوم نوح -عليه السلام- لكي لا يسمعوا الحق، ومع ذلك كانوا يسمعونه، ولعل في ذلك حكمة ربانية لهذه الحاسة أكثركما أن الأذن هي الحاسة الوحيدة التي تعمل وقت نومنا، والنائم لو رششنا عليه عطرا أو لمسناه أو وقفنا بقربه ربما يستيقظ من نومه أو لا، بينما لو ناديناه بصوت عال فإنه سيقفز من فراشه، لأن السمع هي الحاسة الوحيدة التي تعمل طوال الوقت، كما أن السمع هي أول حاسة يسمع بها الطفل عند ولادته، وآخر حاسة تتوقف بعد وفاته، فالميت يسمع طرق نعال من يحمله للقبر في وقت تكون كل حواسه معطلة.ولعل من المفيد تربويا، ما ثبت علمياً بأن (الأذن اليسرى) تسمع العواطف والمشاعر، أكثر من (الأذن اليمنى)، بينما تسمع وتتفاعل اليمنى مع التعليمات والأوامر أكثر، ولهذا إذا أردنا أن نسر لأحبابنا أو لأبنائنا بكلمات الحب فلنتحدث معهم بالأذن اليسرى، وإذا أردنا أن نعطي أمرا أو توجيها تربويا فلنحرص أن نكون قريبين من الأذن اليمنى، ومن يتأمل الآيات القرآنية يجد أنها قدمت السمع على البصر كقوله تعالى: (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ)، وذلك لما للسمع من أهمية أكثر من البصر.فالسمع هو بوابة المعاني والتأثير، ولهذا قال ابن القيم: (فالسماع أصل العقل وأساسه ورائده وجليسه ووزيره)، فلو استثمرناه بالتعامل الجيد، فإن النتائج قطعا ستكون مختلفة، فنستمع لأبنائنا إذا تحدثوا وننصت لهم ولا نقاطعهم، وكذلك نتحدث إليهم ونحاورهم حتى نصل إلى نتيجة، وهذا ما نفتقده اليوم بعد انتشار الأجهزة النقالة، وكثرة انشغال الوالدين فصار الحديث والاستماع في البيت نادرا، حتى قال لي أكثر من شاب وفتاة: (إنَّ والدي يحب أن يتكلم، ولا يحب أن يسمعني)، وقالت أخرى: (إن والدتي تحب أن تتكلم، وإذا بدأت بالكلام قاطعتني)، وقال ثالث: (والدي لا يكلمني ولا يسمعني ودائما هو مشغول)، فنحن لا نكتفي بأن نفرك الأذن، بل ولا نحسن التعامل معهم، فكثيرا ما نتهم أبناءنا بأنهم لا يسمعون كلامنا، ولو دققنا أكثر لوجدنا الخطأ في طريقة حديثنا معهم، أو في طريقة التعامل مع آذانهم. وأذكر بالمناسبة أبا قال لي: إن ولدي المراهق لا يسمعني أبدا، ولا ينفذ كلامي، فقلت له: أقترح عليك أن تجلس معه، وتسأله لماذا لا ينفذ كلامك؟ وتتحدث معه بهدوء، وتنظر إليه نظرة حب، فلما فعل ما ذكرته له، قال له ولده: يا أبت لو كنت تتحدث معي كل مرة بمثل هذا الأسلوب من الاحترام والمودة؛ لاستجبت لك. ومن القصص الجميلة عن الأذن في السيرة النبوية، ما حصل مع الغلام عمير بن سعد، عندما سمع من عمه الجلاس استهزاء بالنبي الكريم، فذهب للنبي وأخبره، فنادى النبي، الجلاس، وواجهه بما قال فأنكر ما ذكره الغلام، واتهمه بالكذب، وصار الغلام محرجا أمام النبي والصحابة، وفي هذه الأثناء أوحى الله لنبيه: (يَحْلِفُونَ بِاللّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ وَمَا نَقَمُواْ إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْراً لَّهُمْ وَإِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ عَذَاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الأَرْضِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ) فارتعد الجلاس، وقال تبت إلى الله، وفرح الغلام بشهادة الله له، ومدح نبينا أذن الغلام وقال له: (وفت أذنك يا غلام ما سمعت)، ويمكن للقارئ الرجوع لتفاصيل القصة، فهي جميلة ومؤثرة، ونستفيد منها مدح أطفالنا وأبنائنا، وخاصة مدح آذانهم، والآن نقول للقارئ اذهب واهمس في الأذن اليسرى لمن تحب، وقل له: إني أحبك، ولاحظ الفرق. بقلم المبدع د .جاسم المطوع
موضوع رائع تسلم يمناج
الله ارزقك الجنة اختي
روووووووووووووووعه الموضوع
بارك الله فيج موضوع رائع ومفيد
تسلمين اختي
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم