بسم الله الرحمن الرحيم
حتما إن ابناءنا هم أغلى ما نملكه في الدنيا ونرجو لهم كل الخير والصلاح , وحتما إن الصلاة هي أهم أمور ديننا الحنيف فالصلاة عماد الدين , ولا شك أننا نعلم علم اليقين أن أول ما يسأل عنه المرء يوم القيامة هي الصلاة فإن صلحت صلح سائر العمل وإن فسدت فسد سائر العمل , وإننا لنحرص أشد الحرص على ابنائنا حتى لا يصيبهم مكروه في الدنيا بل إننا على استعداد للتضحية بأنفسنا لأجلهم وأجل سلامتهم وعافيتهم , و والله لا يرضى أحدنا أن تمس ولده شرارة من عود ثقاب , أفلا نخشى عليهم من نار لها سبعون ألف زمام لكل زمام سبعون ألف ملك يجرونها أما حسبنا لهذا اليوم حسابه , يقول الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون } .
إن تعليم الصلاة والحث على أدائها بصفتها الصحيحة حق واجب علينا أن نعلمه لابنائنا , واستشعار أهمية الصلاة في حياتهم مما يلزم علينا غرسه في نفوسهم منذ حداثة سنهم , فالطفل يتمتع بعقل نظيف قابل للتعليم وإنهم يتعلمون بسرعة فائقة ما هو أصعب من أداء الصلاة بصفتها الصحيحة , فأطفالنا في السن الثانية أو الأولى من أعمارهم يجيدون اللعب بالأجهزة الذكية , ويحاكون الأفلام الكرتونية التي تبث بصفة دائمة على القنوات الفضائية فيما نحن نغفل أن نتعهدهم بين فترة وأخرى ونجلس معهم ونعلمهم بأسلوب اللعب أهم أمور ديننا ألا وهي الصلاة , وإنه لمن المؤلم أن كثيرا منا يأسف أن يشق على أطفاله بتعليمهم الصلاة والوضوء وقراءة القرآن لصغر سنهم ونرى أن الأمر سابق لأوانه وكأن الصلاة والقرآن حمل ثقيل قاسي على أطفالنا , فيما نجد كثيرا من الآباء – هداهم الله – يستمعون للغناء مع أطفالهم ويسعدون بهم وهم يرددون الغناء ويحفظونه ولا يجد في ذلك مشقة على أطفاله , بل إن كثيرا من الآباء يفخر أمام زملائه وأصدقائه أن طفله الصغير يحفظ للمغني الشهير أو المغنية الشهيرة , فيما يرى أن حفظ سورة الفاتحة فيها مشقة بالغة على طفله ولا يجب أن يثقل عليه بها في حداثة سنه , فما أعجب ذلك لمن كان حق حريصا على صلاح طفله وحسن تربيته .
لكم لاحظنا شبابا قد تعدوا مرحلة المتوسطة ولا يؤدون الصلاة بصفتها الصحيحة وهم قبل ذلك لا يتقنون صفة الوضوء الصحيحة , فإذا نحن تغافلنا عن تعليمهم لها وتهاونا في ذلك فما حجتنا أمام الله – عز وجل – إنه لأمر عظيم , إن كثيرا من ابنائنا لا يحسنون الوضوء ولا أداء الصلاة مع أنهم درسوا صفة الوضوء وصفة الصلاة في المدارس إلا أنها دراسة سطحية نظرية لأداء حصة دراسية فقط دون الحرص من كثير من المعلمين أنه أهم أمور الدينا والذي يجب أن يراعي فيه المعلم الجانب التطبيقي الذي هو أجدى من التلقين النظري , لقد لاحظنا على ابنائنا أنهم لا يأتون بصفة الوضوء على وجهه الأكمل ولا يقيمون أركان الصلاة كما يجب لها أن تقام بقيامه وركوعها وسجوده وجلوسها وتسليمها , ونحن نرى منهم كل هذا ولا ننكر عليهم وإن أنكرنا عليهم في بعض الأحيان فلا نكلف أنفسنا بتعليمهم وتوعيتهم وتدريبهم علي صفة الصلاة .
إن كثيرا من ابنائنا لا يحسنون قراءة الفاتحة وهي ركن من أركان الصلاة لا تصح الصلاة إلا بها فمن المسؤول عن تعلينهم ؟ إن كثيرا من ابنائنا لا يحسنون الركوع والسجود ولا يعلمون ما هي الأعضاء السبعة التي يجب أن يسجد عليها المصلي فمن الجاني عليهم ؟ إن كثيرا من ابنائنا يعبثون في الصلاة بكثرة الحركة وفرقعة الأصابع وشخوص الأبصار تارة للأعلى وتارة لليمن واليسار فمن يحرص على إرشادهم وتوجيههم ؟
إن الآباء والمعلمون هم المسؤولون عنهم وإن مسؤولية الوالدين تأتي في المقام الأول فقد قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ( كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ) فتكون البذرة الأولى في التربية بيد الوالدين يغرسانهما كيفما يشاءان ثم يأتي دور المدرسة ليكون ردفا لهما فلو أننا حرصنا على تربية ابنائنا وتعليمهم كيفية الوضوء والصلاة وجهلناه من أولويات اهتماماتنا ثم تابعت المدارس ما غرسناه فيهم لنشأ عندنا – بإذن الله – جيلا صالحا يعلم أمور دينه ويحرص على أداء واجباته ويحسن إقامة صلاته , وإن أحسن الجيل إقامة الصلاة استقام أمره واستقام مجتمعه واستقرت حياته على منهجية السراط المستقيم .
أيها الآباء , أيها المعلمون , ابناؤنا أمانة في أعناقنا وتربيتهم التربية الصالحة حق علينا لا مناص منه , ورعايتهم الرعاية الكريمة واجب مشروع لهم ,ففي الحديث الشريف عن ابن عباس – رضي الله عنهما – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : ( أكرموا أولادكم وأحسنوا أدبهم ) , فأولادنا هم القطعة الثمينة من قلوبنا وأرواحنا , وهم أكبادنا التي تمشي على الأرض , وهم نور عيوننا , وهم امتدادنا وعنواننا , وهم فرحنا وحزننا , وهم آمالنا وطموحنا , فواجب علينا وجوب يقين أن نربيهم تربية كريمة صالحة مستقيمة وأن نعلمهم ونحرص على تعليمهم أهم أمور حياتهم وما من أهم من تعليمهم الصلاة بصفتها الصحيحة ونتعهدهم بالمتابعة في ذلك ونحثهم على أداء الصلاة ونأخذهم معنا إلى المساجد , فإن ذلك من عزم الأمور ولنبتغي بذلك وجه الله فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا , وإن من حسن العمل تعليم الابناء صفة الصلاة على الوجه الأكمل .
وفقنا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه وأعاننا جميعا على تربية ابنائنا التربية الصالحة المستقيمة , وصلى الله وسلم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .
فميزان حسناتج يارب
وفقنا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه وأعاننا جميعا على تربية ابنائنا التربية الصالحة المستقيمة , وصلى الله وسلم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .[/QUOTE]
شكر الله سعيك