أختي الغالية ، من الاعماق أهديك شجون الأخوة ، ومن الأخوة أهديك سلام الوّد ، ووالله أني أحمل لك كل معاني الاخوة الصادقة ، كيف لا ، والله يقول (( إنما المؤمنون أخوة )) فإذا ضاق الصدر ، وصعب الامر ، وكثر المكر ، واذا أظلمت في وجهكِ الايام ، واختلفت الليالي ، وتغير الاصحاب ، فعليكِ بالصلاة ….
أختي الغالية ، لعل من الاصوات الجميلة التي تخرق أسماع آذاننا في كل يوم خمس مرات دون ملل أو كلل ، ذلك الصوت الذي لطالما سمعناه دون تدبر ، يقول ( … وكأني أول مرّة في حياتي التي عشتها ، ومن عمري الذي مضى منه أربعين عاما ، أسمع ذلك الصوت وهو يشق طريقه في سكون الليل الهادئ ليعانق نجوم السماء ، ويرفع معه دموع الباكين من خشية الله ، لتستقر في جوار الله تشفع لصاحبها بإذن ربها … )[1][1] نعم صوت المؤذن الهادئ ، وهو ينادي " حيّ على الصلاة ، حي ّعلى الفلاح " صوت يحمل في رياحه عبق الذكريات ، فكأنما " بلال " يصعد على ظهر الكعبة لينادي المسلمين الى الصلاة …
أختي المسلمة ، هداكِ الله ، أليس لكِ في رسول الله أسوةً حسنة ؟ ألا تبصرين اذا أصابه همّ أو ألمّ به تعب قال " أرحنا بها يا بلال " نعم فهو القائل عليه أفضل الصلاة والسلام " جُعلت قرّة عيني في الصلاة " .
من أعظم النعم على المسلمين هذه الصلوات الخمس كل يوم وليلة ، فهي كفارة لذنوبنا ، ورفع لدرجاتنا عند ربنا ، ثم انها علاج عظيم لمآسينا ودواء ناجع لأمراضنا ، ألا تشاهدين أؤلئك الذين تركوا الصلاة كيف تسير حياتهم ؟! فهي من نكد الى نكد ، ومن همّ الى غمّ الى ما هو أسوأ ، ومن شقاء الى شقاء …( فتعساً لهم وأضل أعمالهم ) .
اعلمي هداني الله واياكِ ، بقدر ايمانكِ قوةً وضعفاً ، حرارة وبرودةً ، تكون سعادتك وراحتك وطمأنينتك … ( من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ، ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ) ولا تكون الحياة الطيبة ، إلا باستقرار النفوس بِحُسْنِ مَوعود الله ، وثبات القلوب على حب الله ، وطهارة الضمائر من الانحراف والضلال ، والصبر امام الحوادث والكوارث ، ابتغاءً لوجه الله ، والرضى بالقضاء والقدر خيره وشره ، وبداية هذا كله الشهادتان ثم الصلاة ثم ….
فكانت الصلاة بحق عمود الدين " فمن أقامها أقام الدين " فحافظي على الصلاة في وقتها فانها احب الاعمال الى الله تعالى ، وأول ما يسأل العبد عنها فان صلحت صلح سائر عمله وإلا فلا !! ومن حافظ عليها حفظه الله ، ومن ضيعها ضيعه الله … وكما جاء في الحديث الصحيح : ( أي الاعمال أحب عند الله ؟ قال r : الصلاة على وقتها ، قيل ثم أي ؟ قال : ثم بر الوالدين ، قيل ثم أي ؟ قال : ثم الجهاد في سبيل الله )
فالصلاة اكبر عون على تحصيل مصالح الدينا والآخرة ، ودفع مفاسدهما ،، فهي دافعة للظلم ، وناصرة المظلوم ، وقامعة للشهوات ، وحافظة للنعمة ، ودافعة للنقمة ، ومنزلة للرحمة ، وكاشفة للغمة … فلعمر الله هذا هو الحل لأزمات الناس ومشاكلهم وهو الشفاء لأمراضهم وعللهم ، لكن " الناس سكارى وما هم بسكارى " ولم يوفق اليه الا القليل ، نسأله تعالى ان نكوني ممن وُفَّـق اليه .
الحذر كل الحذر من التهاون فيها او تأخيرها عن وقتها أو تأديتها مجاملة أو خوفاً من أحد فهذا استهزاء بالله ، وخداع للنفس ، وقد قال تعالى ( فويل للمصلين ، الذين هم عن صلاتهم ساهون ) . هذا لمن أخرها ، فكيف بمن تركها ؟! قال تعالى ( ما سلككم في سقر * قالوا لم نك من المصلين * ولم نك نطعم المسكين * وكنا نخوض مع الخائضين * وكنا نكذب بيوم الدين … ) فاتق الله ، وعودي اليه عسى أن تتدارككِ منه رحمه ، وتنالي منه مغفرة .
فهيا بنا سوياً الى رياض النعيم ، الى رب غفار رحيم ، هيا بنا الى مناجاة رب العرش العظيم ، فهيا توضئي واذهبي الى مصلاك لتقفي بين يدي ّ العزيز الغفار ، (غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ، ذي الطول لا اله الا هو اليه المصير ) سورة غافر .