السلام عليكم ورحمة الله وبركاته …
(وما الحياة الدنيا الا لعب ولهو وللدار الآخرة خير للذن يتقون افلا تعقلون )32 الانعام
حديثنا هنا هو عن الدنيا …ماهي الدنيا ؟؟ ما سر احداثها المتزاحمه ؟؟ اوجاعها المتراكمه ؟
ايامها الدائمة الدوران … اهلها المتيمون بحبها …رغم انها لا تعطيهم بقدر ما تاخذ منهم … لا تسعدهم
بقدر ما تشقيهم …لا تكرمهم بقدر ما تذلهم …فهذا فعلها دوما باحبابها ..وعادتها مع عشاقها ..
وفاؤها قليل …وغدرها كثير ..وشرها مستطير …
كان حبيبنا وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يحذرنا من فتنتها …من الاغترار بزهرتها التي سرعان
ما تؤول الى الذبول والفناء ….
كان صلى الله عليه وسلم ينبهنا من الركون اليها …والجوء الى مباهجها والتنعم بترف المعيشه ولذائذ
المتع …
مع انها من المباحات …الا ان حب الدنيا هو ما كان يخاف منه …حب الدنيا ونسيان الاخره وكراهية
الموت ….
فالدنيا والاخره كما كان يقول السلف الصالح ضرتان …لا ترضي احداهما الا بسخط الاخرى …
هل ياترى هذا هو مفهومنا اليوم عن الدنيا ؟؟
( كلا بل تحبون العاجله * وتذرون الآخره ) القيامه 20-21
هل نتجنب الانشغال بمباهج الدنيا خوفا من اضاعة اوقاتنا في غير منفعه ؟
هل نحذر من الدنيا وسلبها لقلوبنا واهتمامنا بشكل يجعلنا نقاوم اوقات الراحه والنوم لنصلي صلاة
اليل مثلا ؟ او نبادر لاطعام مسكين حتى لو اقتسمنا من قوت يومنا كما كان يفعل الصحابه رضي الله
عنهم …
هل حقا حب الاخره هو المسيطر على اهل هذا الزمان ؟ ام ان الدنيا استطاعت بفتنها ومباهجها وشهواتها صيد فرائسها وحبسهم بداخل الهموم والاطماع الفانيه …
هل استطاعت بدهائها تكبيل عزيمتهم وارادتهم …فجعلتهم يركضون خلفها كالاطفال العابثين ؟؟
ما هي ادلة حب الدنيا وتفضيلها على الاخره …
ماهي علامات نسيان الموت والحساب …
انها للاسف كثيره ..اكثر من ان نحصيها …في هذا الزمان زمان الفتن والملهيات … زمن الفضائيات
والانترنت ..زمن المسلسلات والصور …زمن الاتصالات الحديثه والتطور الصناعي …
زمن المواصلات السريعه …والتي رغم توفرها نجد ان قطيعة الرحم تنتشر لدرجة تتعارض مع وجود
تلك السهوله في الاتصال او التنقل …
اول علامه وجدتها لحب الدنيا هو الطمع فيها ..الطمع في امتلاك كل شيء ..عدم القناعه بالقليل
عدم الصبر عن المحرمات …انتشار الربا …تناحر الاخوه من اجل حطام الدنيا …غدر الاصدقاء بسبب
حفنه من ورق ! يباع الانسان في سوق الاخلاق كل يوم بثمن بخس رغم غلاء الاسهم !
كل هذا بسبب حب الدنيا … عقوق الوالدين … السرقه …. الغش …. الخداع …الظلم …البطش ..
كل ذلك ادوات حب الدنيا ولان الركون اليها يجعل اهلها يتنازلون عن كل شيء من اجل …لا شيء !
فالدنيا في حقيقتها لا شيء ..ولاتساوي عند الله جناح بعوضه …
(واضرب لهم مثل الحياة الدنياكمآء انزلنه من السماء فاختلط به نبات الارض فأصبح هشيما تذروه الرياح
وكان الله على كل شيء مقتدرا ) الكهف 45
امن اجل هشيم تذروه الرياح ..نخسر رضا الله سبحانه .؟؟
اتستحق الدنيا ان نفكر فيها وان نعطيها كل اهتمامنا مع نسيان الاخره…تلك الدنيا التي قال عنها سيدنا علي رضي الله
عنه ..اولها عناء واخرها فناء في حلالها حساب وفي حرامها عقاب !
عندما نتذكر اليوم الذي سنمضي فيه دون ان نحمل معنا الشهادات والعقود والصفقات والبيوت والابناء والاحباب ..حتى ثيابنا سنتجرد منها ..وسنعود الى التراب كما منه قد اتينا …
سنترك كل ذلك ورائنا …الكل سينسانا …ولن يبقى غير عملنا الذي عملناه لوجه الله تعالى …
عندما نستحضر الاخره امام اعيننا بنعمائها وجناتها وقصورها و حورها …او النار بجحيمها وسلاسلها وحميمها واغلالها …عندها سنشعر فعلا ان الدنيا لا تستحق منا حتى مجرد التفكير …
ويكفي ان نتذكر من كان فيها عظيما …واين اليوم اصبح ؟
من كان فيها جبارا …كيف اليوم مصيره وهو في قاع من الارض مظلمه؟
كيف افترق الاحباب ؟ كيف مضى الاباء والاجداد ؟ كيف فنت الامم السابقه ؟ كيف زالت الحضارات الشامخه؟
فكفى بالموت واعظا …
والسعيد من يتعظ بغيره … ويعمل لاخرته ..وياخذ من الدنيا ما يعينه على اخرته ..فالدنيا في نظر الدين
هي مزرعة الاخره …
(فأعرض عمن تولى عن ذكرنا ولم يرد الا الحياة الدنيا * ذلك مبلغهم من العلم إن ربك هو أعلم بمن ضل
عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى )النجم 30
وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين ..