و الصلاة و السلام على خير الأنبياء و المرسلين سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين
قد لا يعلم الكثير من المسلمين أن ثواب القرض الحسن أكبر من ثواب الصدقة.. فقد جاء في الحديث الشريف عن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال: "دخل رجل الجنة فرأي مكتوبا علي بابها: الصدقة بعشرة أمثالها، والقرض بثمانية عشر".
وعن حكمة مضاعفة ثواب وأجر القرض الحسن يقول فضيلة الدكتور لطفي عفيفي أستاذ الفقه بجامعة الأزهر: إن المقترض تضطره الظروف الصعبة لطلب العون من الآخرين بإقراضه مالا يواجه به ضائقة شديدة علي أن يرد المال الذي اقترضه، ومن ثم فإن المرء حين يقرض أخاه المسلم انما يعينه في محنته ويخرجه من ضائقته المالية، فيفرج عنه كربه، وكما أخبرنا صلي الله عليه وسلم فإن "من نفث عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، نفث الله عنه كربة من كرب يوم القيامة".
وأضاف أن المؤمن إذا كان صادقا مع خالقه، كان لزاما عليه ألا يبخل بتلك المروءة، بإقراض أخيه الذي أصابه العوز واضطرته ضائقته المالية أن يطلب العون للخروج من أزمته، وهذا ما حث عليه ديننا الإسلامي الحنيف، باعتبار أن إغاثة من دعتهم الحاجة إلي طلب القرض يعد مروءة من أرقي وأنبل المروءات.
ولكن ما هو المقصود بـ"القرض الحسن"؟
يجيب الدكتور لطفي عفيفي أن القرض الحسن في الإسلام هو ذلك القرض الذي لا يجر نفعا أيا كان هذا النفع، أي أن المقترض يسترد ماله الذي أقرضه دون أي زيادة، فإن جر نفعا فهو ربا، ومن المعلوم بالضرورة أن الربا حرام وصاحبه دخل في حرب مع الله ورسوله، فمن ذا الذي يقبل أن يدخل في حرب مع الله ورسوله؟!
ولذا فإن القرض الحسن هو ما يكون خالصا لوجه الله تعالي، وبه يكون صاحبه من المقربين إلي الله عز وجل، وكما جاء في الحديث الشريف فإن "من كان في حاجة أخيه، كان الله في حاجته" ومن المعلوم أيضا أن القرض الحسن يشمل الإنفاق في سبيل الله في مجالات كثيرة كالإنفاق في الجهاد وعلي اليتامي والأرامل والعجزة.
ولقد كان صحابة رسول الله رضوان الله عليهم.. قدوة حسنة لنا في اتباع هذا التوجيه الإسلامي العظيم، حيث كان الصحابي الجليل أبوالدرداء يقول: لأن أقرض دينارين مرتين أحب إلي من أن أتصدق بهما، إذ أقرضهما فيرجعان إلي، فأتصدق بهما، فيكون لي الأجر مرتين.. أجر القرض وأجر الصدقة.
ويكفي صاحب المال الذي يقرض اخوانه المؤمنين ويفرج عنهم ضائقتهم، أنه دخل في عقد مع الله عز وجل، فيبارك له في ماله، مصداقا لقوله تعالي: "من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة" صدق الله العظيم
سبحان الله وبحمده … سبحان الله العظيم