ترك السُّنة يُفضي إلى فعل البدعة وترك المأمور يفضي إلى فعل المحظور
(لا تجد أحداً ترك بعض السنة التي يجب التصديق بها والعمل إلا وقع في بدعة، ولا تجد صاحب بدعة إلا ترك شيئاً من السنة؛
كما جاء في الحديث: ((ما ابتدع قوم بدعة؛ إلا تركوا من السنة مثلها)) . رواه الإمام أحمد،
وقد قال تعالى: {فَنَسُوْا حَظّاً مِمَّا ذُكِّروا بِهِ فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ العَداوَةَ والبَغْضاءَ} ، فلما تركوا حظاً مما ذُكِّروا به اعتاضوا بغيره فوقعت بينهم العداوة والبغضاء
وقال تعالى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرينٌ} ؛ أي: عن الذكر الذي أنزله الرحمن
وقال تعالى: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى وَمَنْ أعْرَضَ عَنْ ذِكْري فَإنَّ لَهُ مَعيشَةً ضّنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ القِيامَةِ أعْمَى}
وقال: {اتَّبِعوا ما أُنْزِلَ إلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعوا مِنْ دونِهِ أوْلِيَاءَ قَليلاً ما تَذَكَّرونَ} ؛ فأمر باتباع ما أُنزل ونهى عما يضاد ذلك وهو اتباع أولياء من دونه، فمن لم يتبع أحدهما اتبع الآخر، ولهذا قال: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبيلِ المُؤْمِنينَ}
قال العلماء: من لم يكن متبعاً سبيلهم كان متبعاً غير سبيلهم، فاستدلوا بذلك على أن اتباع سبيلهم واجب؛ فليس لأحد أن يخرج عما أجمعوا عليه.
وكذلك من لم يفعل المأمور فعل بعض المحظور، ومن فعل المحظور لم يفعل جميع المأمور؛ فلا يمكن الإنسان أن يفعل جميع ما أُمر به مع فعله لبعض ما حظر، ولا يمكنه ترك كل ما حظر مع تركه لبعض ما أُمر، فإن ترك ما حظر من جملة ما أُمر به فهو مأمور، ومن المحظور ترك المأمور؛ فكل ما شغله عن الواجب فهو محرم، وكل ما لا يمكن فعل الواجب إلا به فعليه فعله، ولهذا كان لفظ ((الأمر)) إذا أطلق يتناول النهي، وإذا قيد بالنهي كان النهي نظير ما تقدم)
((مجموع الفتاوى)) (7 / 173 ـ 174)