حديث إن من البيان لسحرا حديث مشهور و قلما تجد من لم يسمع به، أما قصة الحديث فلا أراها معروفة عند عامة الناس، ولذلك وجدت من النافع أن أذكرها لكم لما اشتملت عليه من فوائد ..
جلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الزبرقان بن بدر وعمرو بن الأهيم وقيس بن عاصم
ففخر الزبرقان بنفسه قائلا: يا رسول الله أنا سيد بني تميم , والمطاع فيهم والمجاب، أمنعهم من الظلم وآخذ منهم بحقوقهم
ثم أشار إلى عمرو بن الأهيم وقال: وهذا يعلم ذلك
فما كان من عمرو بن الأهيم إلا أن زاد في مدحه فقال: إنه لشديد المعارضة , مانع لجانبه مطاع في إذنه
ولكن هذا المدح لم يره الزبرقان كافيا في حقه فقال: والله يا رسول الله لقد علم مني غير ما قال وما منعه أن يتكلم إلا الحسد
فلما سمع عمرو هذا الكلام من الزبرقان غضب و قال: أنا أحسدك ؟! أي أنه استنكر منه هذا الاتهام واستقبحه
ثم عاد فقال: والله يا رسول الله إنه لئيم الخال , حديث المال , أحمق الوالد مضيع في العشيرة
والواضح هنا أنه غير كلامه أي بعدما مدحه عاد فذمه، ولكنه تابع كلامه قائلا: والله يا رسول الله لقد صدقت في الأولى وما كذبت في الآخرة , ولكني رجل إذا رضيت قلت أحسن ما علمت , وإذا غضبت قلت أقبح ما وجدت
فعندها قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: إن من البيان لسحرا
فوائد الحديث
كثيرة هي المواقف التي نتكلم بها عن شخص ما فتجدنا لا نتطرق إلا إلى الجانب السلبي في شخصيته ، وإن عاب علينا أحد تعللنا بقولنا أن ما قلناه صحيح ونُشهد الله على ذلك، نعم قد يكون هذا الشخص مبتلى بما نُعت به، ولكن من باب الإنصاف أن نذكر الجانب الإيجابي أيضا و لا نغلب جانب على الآخر، أما مسألة أن نسلط الضوء على جانب واحد فقط ونأتي بأوصاف وإن كانت صحيحة فإنها لا تخلو من المبالغة فهذا بالتأكيد لا يرضي الله، ولقد رأيتم قوة الكلام وتأثيره لدرجة أن الرسول صلى الله عليه وسلم وصفه بالسحر، حتى أن بعض أهل الحديث حملوا هذا الوصف على محمل الذم وذلك أن السحر من شأنه أن يظهر الأشياء على غير حقيقتها
الشاهد علينا أن نتقي الله بكل كلمة نقولها أو نكتبها، خصوصا إذا جاء الكلام عن الأعراض، ورب كلمة جرى بها اللسان هلك بها الإنسان
ملاحظة: الزبرقان اسمه حصين وسمي بالزبرقان لحسنه، والزبرقان من أسماء القمر
منقول للفائدة
وبارك الله فيج