وأوصى وهو في فراش الموت بمِلْكِ اليمين وهم الخدم الأرقاء المملوكين فقال: (الصلاة الصلاة، وما ملكت أيمانكم). عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال كانت عامة وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حضره الموت: الصلاة وما ملكت أيمانكم حتى جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يغرغر بها صدره وما يكاد يفيض بها لسانه)[5]. ودعا إلى المسارعة بعتقهم وأخبر بأن من كانت تحته مملوكة فأراد أن يتزوجها فيعتقها فله بذلك أجران. عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( أيما رجل كانت له جارية فأدبها فأحسن تأديبها وأعتقها وتزوجها فله أجران وأيما عبد أدى حق الله وحق مواليه فله أجران)[6]. وقال لأبي مسعود عندما رآه يضرب مملوكاً له: (إعلم أبا مسعود أن الله أقدر عليك منك على هذا الغلام) فانتهى عن ضربه وأعتقه حتى لا يمسه الله بعذاب[7]. وقد أخذ عنه أصحابه رضي الله عنهم هذا الخلق وطبقوه فهذا هو أحدهم يُرى وقد ألبس خادمه مثل ثوبه الذي عليه وحين سئل قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم فأعينوهم)[8].
إن رحمته صلى الله عليه وسلم بالخدم لا يوازيها قانون دولي ولا نظام اجتماعي ولا اتفاقيات دنيوية، إنه قانون الرحمة السماوية التي سكنت قلب هذا الرجل العظيم وألبسته رداءً من الكمال البشري لا يكون لسواه. الرحمة التي جعلته يؤدب أصحابه حتى في ألفاظهم مع الخدم والمملوكين مراعاة لمشاعرهم فنهى عن تعييرهم وعن قول عبدي وأمتي إكراماً لهم ولأن الله تعالى وحده هو السيد والخلق كلهم عبيد لله، وأرشدهم إلى قول: فتاي وفتاتي بدلاً عن ألفاظ العبودية التي لا تليق إلا بالله وحده ولئلا يذل مخلوقٌ لمخلوق كما يذل لربه تبارك وتعالى . عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يقل أحدكم أطعم ربك وضئ ربك أسق ربك وليقل سيدي مولاي ولا يقل أحدكم عبدي أمتي وليقل فتاي وفتاتي وغلامي)[9].
وقد جعل العتق للمملوك كفارة الخطأ عليه، عن بن عمر رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من لطم مملوكه أو ضربه فكفارته أن يعتقه)[10]. لقد امتثل أصحابه هذا الأمر النبوي الكريم وتعاملوا مع العبيد والخدم بأرقى تعامل إنساني، بل كان البعض منهم يطلب القصاص منهم أو العفو. عن معاوية بن سويد قال: لطمت مولى لنا فهربتُ ثم جئت قبيل الظهر فصليت خلف أبي فدعاه ودعاني ثم قال: امتثل منه، فعفا، ثم قال: كنا بني مقرن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس لنا إلا خادم واحدة فلطمها أحدنا فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (أعتقوها). قالوا: ليس لهم خادم غيرها قال: (فليستخدموها فإذا استغنوا عنها فليخلوا سبيلها)[11].
يعطيج العافيه اختي
الله عليك
بوركت يارسول الله
عليه افضل الصلوات والتسليييييييم
جزاك الله خيرا حبوبه