وأيضًا هل فرض عليهم الحج وإن كان كذلك فأين يحجون؟
ج: إن الجن مكلفون بلا شك, مكلفون بطاعة الله سبحانه وتعالى, وإن منهم المسلم والكافر, ومنهم الصالح ومنهم دون ذلك كما ذكر الله تعالى في سورة الجن عنهم حيث قالوا: {وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا} [الجن: 11].
وقالوا: {وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا * وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبً} [الجن: 14، 15].
وقد صرف الله نفرًا من الجن إلى رسو الله صلى الله عليه وسلم فاستمعوا القرآن وآمنوا به وذهبوا
دعاة إلى قومهم كما قال الله تعالى: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ * قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ * يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [الأحقاف: 29-32].
وهذا يدل على أن الجن كانوا مؤمنين بالرسل السابقين, وإنهم يعملون كتبهم لقولهم: {إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ}
[الأحقاف: 30]
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أكرم وفد الجن الذين وفدوا إليه بأن قال: لكم كل عظم
ذُكر اسم الله عليه تجدونه أوفر ما يكون لحمًا, وكل بعرة فهي علفً لدوابكم، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الاستجمار بالعظام, وعن الاستجمار بالروث, وقال: ((إن العظام زاد إخوانكم من الجن)).
والظاهر أنهم مكلفون بما يكلف به الإنس من العبادات, ولا سيما أصولها, كالأركان الخمسة, وحجهم يكون كحج الإنس زمنًا ومكانًا, وإن كانوا يختلفون عنه الإنس في جنس العبادات التي لا تناسب
حالهم, فتكون مختلفة عن التكليف الذي يكلف به الإنس, والله أعلم.
المجيب: الشيخ محمد بن صالح العثيمين
منقول للافااده
ويزاج الله الف خير