السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السؤال:
هل يجوز لمن أراد الصدقة أن يدعو بما يريد قبل أن يتصدق ، ثم يتصدق بعد ذلك . فما حكم القيام بهذا العمل بشكل مستمر؟
الجواب:
الحمد لله
لا نعلم في السنَّة النبوية أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو ثم يتصدق بعدها ، ولا أنه أوصى بذلك أمته ، إلا أن يكون دعاء يتعلق بقبول الله لصدقته ، أو توفيقه للمزيد من البذل .
ويمكن للمسلم أن يتصدق ليدعو إن احتاج للدعاء لشيء معيَّن ، ويكون هذا من باب التوسل بالأعمال الصالحة ، كما جاء في حديث الأعمى الذي طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو الله له بأن يرد عليه بصرَه ، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالدعاء ، وأمره بالوضوء والصلاة قبل أن يدعو الله ، ودعا له النبي صلى الله عليه وسلم ، فهذا من التوسل إلى الله بالأعمال الصالحة .
جاء " كشاف القناع " ( 1 / 368 ) – من كتب الحنابلة – :
ويقدِّم بين يدي دعائه صدقة .انتهى .
ولعل من هذا الباب – أيضاً – ما استحبه عامة العلماء من الصدقة قبل الاستسقاء ، إما لكون الصدقة جالبة للرحمة ، أو توسلاً بفعلها قبل دعاء الاستسقاء .
ففي " الموسوعة الفقهية " ( 3 / 310 ) :
اتّفقت المذاهب على استحباب الصّدقة قبل الاستسقاء ، ولكنّهم اختلفوا في أمر الإمام بها ، قال الشّافعيّة ، والحنابلة ، والحنفيّة ، وهو المعتمد عند المالكيّة : يأمرهم الإمام بالصّدقة في حدود طاقتهم ، وقال بعض المالكيّة : لا يأمرهم بها ، بل يترك هذا للنّاس بدون أمرٍ ؛ لأنّه أرجى للإجابة ، حيث تكون صدقتهم بدافعٍ من أنفسهم ، لا بأمرٍ من الإمام .انتهى
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – :
قوله : " والصدقة " أي : ويأمرهم أيضاً بالصدقة – أي : قبل الاستسقاء – ، والصدقة قد يقال : إنها مناسبة ؛ لأن الصدقة إحسان إلى الغير ، والإحسان سبب للرحمة ؛ لقول الله تعالى : ( إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ) الأعراف/من الآية 56 ، والغيث رحمة ؛ لقول الله تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ ) الشورى/من الآية 28 ، والصدقة هنا ليست الصدقة الواجبة، بل المستحبة ، أما الصدقة الواجبة فإن منْعها سبب لمنع القطر من السماء كما قال النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث المروي عنه: "وما منع قوم زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء" .
" الشرح الممتع " ( 5 / 209 ) .
فإذا احتاج المسلم لتفريج كربة ، أو تيسير أمر ، أو كانت المناسبة عامة كالاستسقاء : فتصدق قبل أن يدعو كان ذلك من التوسل بالأعمال الصالحة ، أما أن يكون ذلك باستمرار مع كل مرة يتصدق بها : ففيه نظر ؛ لأنه لم يشرع لنا ذلك ، ولا رغبنا به نبينا صلى الله عليه وسلم ، وقد وُجد السبب – وهو الصدقة – ولم يوجد الفعل – وهو الدعاء – فدلَّ على عدم المشروعية .
وأما ما يفعله الأخ السائل – وفقه الله – من الدعاء قبل الصدقة : فلا نعلم له أصلا إلا بما ذكرناه من كون الدعاء متعلقاً بقبول الصدقة ، وسؤال الله التوفيق للمزيد .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – :
يقول المزكِّي ما ورد من الآثار والأدعية في ذلك : ( اللهم تقبَّل منِّي إنك أنت السميع العليم ) ، وقيل : يقول : ( اللهمَّ اجعلها مغنماً ولا تجعلها مغرماً ) .
" الشرح الممتع " ( 6 / 270 ) .
والله أعلم
موضوع رااائع وقيم جزاك الله خيرا اختي الغاليه على طرحه
اتعرفين … نك نيمج اثلج صدري وانا اقراه … حسيت ان الدنيا بعدها بخير
موفقه