– قال على بن أبى طالب وابن عمه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: ما بعث الله نبيا من الأنبياء إلا أخذ عليه الميثاق، لئن بعث الله محمد وهم أحياء ليؤمنن به ولينصرنه , وقال طاووس والحسن البصري وقتاده: أخذ الله ميثاق النبيين أن يصدق بعضهم بعضا وهذا لإيضاد ما قاله على وابن عباس ولا ينفيه بل يستلزمه ويقتضيه (عن تفسير بن كثير ) .
– وحيث أن دين الأنبياء واحد , ودين الله واحد قال تعالى عقب ذلك ( أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها واليه يرجعون * قل آمنا بالله وما أنزل علينا وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون ) آل عمران (84، 83).
قال سبحانه بعد أن أعلمنا أن دين الله واحد وهو الإسلام , وبعدما أمرنا أن نقر بالإيمان بجميع الرسل وما انزل عليهم وأن لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون قال سبحانه بعد هذه الوحدة الإيمانية والوحدة العقائدية والوحدة بين جميع المسلمين قال: ( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ) آل عمران (85).
– قال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية:
( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه ) أي من سلك طريقا سوى ما شرعه الله فلن يقبل منه ( وهو في الآخرة من الخاسرين ) كما قال صلى الله عليه وسلم ( ومن عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ) (انتهى) .
– وفي الحديث الصحيح الذي رواه مسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (الإسلام أن تشهد إلا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله , وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا) .
– وقد قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله في جامع العلوم والحكم في شرح الحديث الخامس عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد )رواه البخاري ومسلم وفي رواية لمسلم ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد )
قال ابن رجب: المراد بأمره هنا دينه وشرعه وقوله ( ليس عليه أمرنا ) إشارة إلى أن أعمال العاملين كلها ينبغي أن تكون تحت أحكام الشريعة ( الإسلامية )، فتكون أحكام الشريعة حاكمة عليها بأمرها ونهيها، فمن كان عمله جاريا تحت أحكام الشريعة موافقا لها فهو مقبول، ومن كان خارجا عن ذلك فهو مردود .
– والأعمال قسمان: عبادات ومعاملات. فأما العبادات فما كان منها خارجا عن حكم الله ورسوله بالكلية فهو مردود على عامله، وعامله يدخل تحت قوله تعالى – أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله فمن تقرب إلى الله ( سبحانه وتعالى ) بعمل لم يجعله الله ورسوله قربة إلى الله فعمله باطل مردود عليه…..
– وأما المعاملات: كالعقود والفسوخ ونحوها فما كان منها مغير الأوضاع الشرعية كجعل حد الزنا عقوبة مالية أو أشبه ذلك فإنه مردود من أصله لا ينتقل به الملك (انتهى).
– السعدي وتفسير الآية:
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله في تيسير الكريم الرحمن (هذه الأصول التي هي أصول الإيمان التي أمر الله بها هذه الأمة، قد اتفقت عليها الكتب والرسل. وأنها هي الغرض الموجه لكل أحد، وأنها هي الدين والإسلام الحقيقي .
– وأن من ابتغى غيرها، فعمله مردود، وليس له دين يعول عليه فمن زهد عنه ورغب عنه، فأين يذهب ؟ إلى عبادة الأشجار والأحجار والنبران ( والأبقار)، أو إلى اتخاذ الأحبار والرهبان والصلبان، أو إلى التعطيل لرب العباد، أو إلى الأديان الباطلة التي هي من وحى الشياطين – وهؤلاء كلهم في الآخرة من الخاسرين (انتهى).
– الاستنتاج العام:
بينت الآية الكريمة أن من يبتعد عن شرع الله سواء أكان من المسلمين أومن غيرهم فعمله مردود عليه وأن من يتبع غير دين الإسلام فهو في الآخرة من الخاسرين وأن جميع الناس في الآخرة من الخاسرين إلا من اتبع دين الإسلام، دين الأنبياء والرسل من آدم عليه الصلاة والسلام إلى محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأن شريعة الإسلام جبت ما قبلها من الشرائع وأن من الإسلام إتباع دين رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين والرسل وعلى المسلمين أن يعلنوا ذلك بكل شجاعة وثقه وعلى أسس علميه مدروسة، وأننا في عصر الفضائيات والانترنيت الاتصالات وجب علينا دعوه الناس إلى الدين الخالص الإسلام الدين القيم الذي يحاول أعداء الله أن يشوهوه مستغلين ما أحدثوه في ديار المسلمين من تخلف وفرقه ومصائب ليقولوا للناس هذا هو الإسلام ولكن الإسلام هو دين الفطرة التي تجذب الفطر السوية وإذا أحسنا الدعوة إلى الله فتح الله بنا تلك القلوب التي أشقتها المدنية المادية البعيدة عن منهج الله القويم.
اشكر لك مرورك العاطر
دمتي بود
نورت صفحتي بتواجدك