الشجاعة في الدعوة
إنها صفة رائدة ، تعني يقظة النفس ، وقوة همتها ، وبعد النظر ، وصفاء النفس ، نعم .. إن الدعوة ونقل الخير للآخرين يحتاج إلى شجاعة وطموح ، ولا يبلغ المجد إلا كل جسور .
وما الجبن والكسل والخوف والتردد إلا صفات نقص وذم في أي مخلوق ، فكيف بالداعية ، ولقد كان من أدعية الرسول صلى الله عليه وسلم : ( اللهم إني أعوذ بك من الجبن .. ) صحيح البخاري [ 9/404ٍٍ] .
وإنك عندما تنظر في سير الأنبياء تجد الشجاعة التصقت بهم؛ فهذا نوح يواجه قومه بكل شجاعة ويصبر على تأخر استجابتهم.
وإبراهيم يقف في وجهه والده ومع ذلك يصبر ويستمر على الصدع بالحق وعدم الخوف منهم ويرمى في النار وتكون عليه برداً وسلاماً ..
وهذا موسى عليه السلام ينطلق إلى فرعون ليبلغه رسالات ربه ، وعيسى عليه السلام يقف داعياً إلى ربه مع قومه بكل شجاعة وثبات ..
وأما إن سألت عن شجاعة رسول الأمة صلى الله عليه وسلم فهو البطل المقدام الذي تستحي منه الشجاعة نفسها، فواجه الطغاة والظلمة، صبر صبْر الرسل .. وهاهي سيرته بين يديك فانظر في المواقف والعجائب التي كتبها قلم التاريخ بكل حياء وخجل .. وعلى درب الشجاعة سار الأوائل ، ليبلغوا رتبة " السابقين" فنالوها بكل جدارة ..
وقل من جدَّ في أمر يطلبه
واستصحب الصبر إلا فاز بالظفر
فهذا ابن حنبل يجلد فيكون هو الشجاع ، وابن تيمية يرتدي الشجاعة ليموت معها وتكفن معه في سجن القلعة.. وغيرهم كثير، واسأل التاريخ ليخبرك بخبر القوم ..
فيا من اختار طريق الدعوة : كن شجاعاً ، مقداماً طموحاً ، رائداً ، إماماً ، ولا تكن جباناً متردداً خائفاً، واعلم بأن الله معك .. ( إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ) [النحل : 128] .
ومضة : الشجاعة لباس لا ينفع بدون عطر الحكمة .
منقول