المناسبه لمعالجتها
الإصابة بالعيـــــــــــــن
كان العرب وغيرهم قبل الإسلام يعرفون أضرار العين وأخطارها فقابلوها بأشياء لا تنفع ولا تضر في حقيقة الأمر – كالتمائم – بل فيها المضرة المحضة.
فاستمروا على هذا الضلال حتى بعث الله النبي صلى الله عليه وسلم فأخبر أن العين حق وأن أضرارها عظيمة وأرشد أمته إلى الطرق المشروعة لاتقاء أخطاروإزالة ضررها .
أولا تعريف العيــــن:
يقال عنت الرجل ، أي أصبته بعيني ، وهو معين ومعيون ، والفاعل عائن .
ويقال رجل معيان وعيون : أي شديد الإصابة بالعين وتسمى العين بالنفس :
ثانيا الأدلة على أن العين حق:
أولا من الكتاب :
1-قوله تعالى : "وَقَالَ يَا بَنِيَّ لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُواْ مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنكُم مِّنَ اللّهِ مِن شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ "[يوسف : 67]
جاء في تفسير هذه الآية :
أن يعقوب عليه السلام خشي العين على بنيه لأنهم كانوا ذوي جمال وصورة حسنة فأمرهم بالدخول متفرقين حتى لا يلفتوا أنظار الناس إليهم وهذا مما يدل على حقيقة إصابة العين .
وقال تعالى : "وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوالَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ" [القلم : 51]
جاء في تفسير هذهالآية :
أن المراد بقوله تعالى" ليزلقونك " أي : يعينونك بأبصارهم بمعنى يحسدونك لبغضهم إياك لولا وقاية الله لك وحمايته إياك منهم وفي هذه الآية دليل على أن العين إصابتها وتأثيرها حق بأمر الله عزوجل .
ثانيا : من السنة :
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – عَنِ النَّبِىِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « الْعَيْنُ حَقٌّ ….» .صحيح البخاري
عَنْ عَائِشَةَ – رضى الله عنها – قَالَتْ أَمَرَنِى رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – أَوْ أَمَرَ أَنْ يُسْتَرْقَى مِنَ الْعَيْنِ…."صحيح البخاري
عَنْ أَنَسٍ قَالَ رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِى الرُّقْيَةِ مِنَ الْعَيْنِ… " صحيح مسلم
فهذه الأحاديث صريحة في أن الإصابة بالعين حق كما نص على ذلك النبي صلى الله عليه وسلم .
للعين تأثير سريع بإذن الله تعالى وتأثيرها بليغ جدا حيث إنه يقتل ، ويصرع ، ويمرض وكل ذلك بقضاء الله وقدره .
-عن ابن عباس : عن النبي صلى الله عليه و سلم قا ل العين حق ولوكان شيء سابق القدر سبقته العين وإذا استغسلتم فاغسلوا.
وجه الدلالة : قوله صلى الله عليه وسلم"ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين" فهذا مما يدل على سرعة نفوذها وأنها قوية الضرر .
جابر بن عبدالله قال : قال صلى الله عليه و سلم
لأسماء بنت عميس مالي أرى أجسام بني أخي ضارعة تصيبهم الحاجة قالت: لا ولكن العين تسرع إليهم.
قال: "ارقيهم"
قالت : فعرضت عليه.
فقال : "ارقيهم"
ضارعة ) أي نحيفة ؛والمراد أولاد جعفر رضي الله عنه.
وجه الدلالة :
قول اسماء ولكن العين تسرع إليهم . فأقرها النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك ولم ينكر عليها .
أن العين ثؤثر في الإنسان فتضرعه : أي تضعفه وتنحله.
ومما يدل على أنها تقتل وتصرع بإذن الله عزوجل ما جاء .
عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم: أكثر من يموت من أمتى بعد كتاب الله وقضاءه وقدره بالانفس" يعني بالعين
فالحديث واضح ا لدلالة على أن العين سبب من أسباب المنية بإذن الله عزوجل .
عَنْ أَبِى أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ أَنَّهُ قَالَ رَأَى عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ يَغْتَسِلُ فَقَالَ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ وَلاَجِلْدَ مُخْبَأَةٍ. فَلُبِطَ سَهْلٌ فَأُتِىَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ لَكَ فِى سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ وَاللَّهِ مَايَرْفَعُ رَأْسَهُ. فَقَالَ « هَلْ تَتَّهِمُونَ لَهُ أَحَدًا » قَالُوا نَتَّهِمُ عَامِرَ بْنَ رَبِيعَةَ. قَالَ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَامِرًا فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ وَقَالَ « عَلاَمَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ أَلاَّ بَرَّكْتَ اغْتَسِلْ لَهُ ». فَغَسَلَ عَامِرٌ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَمِرْفَقَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَأَطْرَافَ رِجْلَيْهِ وَدَاخِلَةَ إِزَارِهِ فِى قَدَحٍ ثُمَّ صُبَّ عَلَيْهِ فَرَاحَ سَهْلٌ مَعَ النَّاسِ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
المخبأة : المكنونة التى لا تراه االعيون
لبط : صرع وسقط على الأرض
فتغيظ : أيغضب
وجه الدلالة :
قوله :فلبط ؛ أي صرع . وهذا مما يدل على أن العين تصرع بإذن الله تعالى .
وقوله صلى الله عليه وسلم ( علام يقتل أحدكم أخاه ) دليل على أن العين ربما قتلت .
عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ – رضى الله عنها – أَنَّ النَّبِىَّ – صلى الله عليه وسلم – رَأَىفِى بَيْتِهَا جَارِيَةً فِى وَجْهِهَا سَفْعَةٌ فَقَالَ « اسْتَرْقُوا لَهَا ، فَإِنَّ بِهَا النَّظْرَةَ » .
السفعة : صفرة الوجه وشحوبه.
وجه الدلالة :
إن السفعة التي كانت في وجه الجارية هي بسبب النظرة : أي العين .
والسفعة : نوع من السواد ليس بالكثير ، وقيل هو سواد مع لون آخر وحاصل ذلك أن بوجهها موضعا على غير لونه الأصلي .
وأثر العين لا يقتصرعلى الأنفس بل يتعدى إلى الأموال ،
ويدل على ذلك ما جاءعن عامر بن ربيعة عن أبيه رضي الله عنه قال : قال صلى الله عليه و سلم : "إذا رأى أحدكم من نفسه و أخيه ما يعجبه فليدع بالبركة فإن العين حق"
المشروع لأتقاءالعين
1- اولا : تقوى الله والمداومة على الأذكار الشرعية.
فالله خير حافظا وهو ارحم الراحمين ،،،
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ رَكَبَ خَلْفَ رَسُول اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَوْماً فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « يَا غُلاَمُ إِنِّى مُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ وَإِذَا سَأَلْتَ فَلْتَسْأَلِ اللَّهَ وَإِذَااسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعُواعَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَىْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَىْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ رُفِعَتِ الأَقْلاَمُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ » مسندأحمد
فمن حفظ الله حفظه الله ووجده أمامه أينما توجه ومن كان الله حافظه فمن يخاف ولمن يحذر؟؟
وبقراءة الآيتين الأخيرتين من سورة البقرة تكفياه بإذن الله تعالى
عن أبي مسعود رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه و سلم ( من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه )صحيح البخاري
وأيضا قراءة آية الكرسي
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : وكلني صلى الله عليه و سلم بحفظ زكاة رمضان فأتاني آت فجعل يحثو من الطعام فأخذته وقلت والله لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم قال إني محتاج وعلي عيال ولي حاجة شديدة قال فخليت عنه فأصبحت فقال النبي صلى الله عليه و سلم ( يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة ) . قال قلت يا شكا حاجة شديدة وعيالا فرحمته فخليت سبيله قال ( أما إنه قد كذبك وسيعود ) . فعرفت أنه سيعود لقول صلى الله عليه و سلم ( إنه سيعود ) . فرصدته فجاء يحثو من الطعام فأخذته فقلت لأرفعنك إلى صلى الله عليه وسلم قال دعني فإني محتاج وعلي عيال لا أعود فرحمته فخليت سبيله فأصبحت فقال لي رسول الله صلى الله عليه و سلم ( يا أباهريرة ما فعل أسيرك ) . قلت يا شكا حاجة شديدة وعيالا فرحمته فخليت سبيله قال ( أما إنه كذبك وسيعود ) . فرصدته الثالثة فجاء يحثو من الطعام فأخذته فقلت لأرفعنك إلى وهذا آخر ثلاث مراتتزعم لا تعود ثم تعود قال دعني أعلمك كلمات ينفعك الله بها قلت ما هو ؟ قال إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي { الله لا إله إلا هو الحي القيوم } . حتى تختم الآية فإنك لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربنك شيطان حتى تصبح فخليت سبيله فأصبحت فقال لي صلى الله عليه و سلم ( ما فعل أسيرك البارحة ) . قلت يا زعم أنه يعلمني كلمات ينفعني الله بها فخليت سبيله قال ( ما هي ) . قلت قال لي إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم { الله لا إله إلاهو الحي القيوم } . وقال لي لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح – وكانوا أحرص شيء على الخير – فقال النبي صلى الله عليه و سلم ( أما إنه قد صدقك وهوكذوب تعلم من تخاطب منذ ثلاث ليال يا أبا هريرة ) . قال لا قال ( ذاك شيطان )
والإكثار من قراءة المعوذتين :
عن أبي سعيد قال :" كان صلى الله عليه وسلم يتعوذ من الجان وعين الإنسان حتى نزلت المعوذتان، فلما نزلت أخذ بهما وترك ماسواهما "
قال ابن القيم رحمه الله تعالى :
"إن هاتين السورتين لايستغنى عنهما أحد قط ، فإن لهما تأثيراً خاصاً في دفع السحر والعين وسائرالشرور.
الإكثار من التعوذات النبوية وهي كثيرة جدا منها :
أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق .
بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ، ثلاث مرات لم يضره شيء في ذلك اليوم أو في تلك الليلة .
قال ابن القيم رحمه الله تعالى :
من جرب هذه الدعوات والعوذ عرف مقدار منفعتها وشدة الحاجة إليها وهي تمنع وصول أثر العائن وتدفعه بعد وصوله .
وقد يقول قائل : نرى كثيرا من الناس لاينتفع بهذه الرقى فما هو السبب علما بأنهم يقرؤونها ؟
وكفانا مؤنة الإجابة عن هذا السؤال ابن القيم رحمه الله تعالى حيث قال: "لاينكر عدم انتفاع كثيرمن المرضى بطب النبوة ، فإنه ينتفع به من تلقاه بالقبول والإيمان ، فهذا القرآن الذي هو شفاء للصدور إن لم يتلق هذا التلقي لم يحصل به شفاء الصدور من أدوائها بلا يزيد الظالمين إلا خسارا قال تعالى :
وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً [الإسراء : 82]
فطب النبوة لايناسب إلا الأبدان الطيبة والقلوب الحية،فعدم انتفاع بعض الناس بالرقى النبوية ، لايدل ذلك على قصور فيها ، وإنما يدل على خبث الطبيعة وفساد المحل وعدم التلقي بالقبول .
فالمنفعة من الرقى تكون بحسب قوةإيمان قائلها وقوة نفسه واستعداده وقوة توكله وثبات قلبه.
فإنها سلاح والسلاح بضاربه . فإن كانتيده قوية أصاب من عدوه مقتلا . وإلا فإنه قد لايؤثر فيه ولو كان السيف صقيلا جديدا . فعلى المسلم الذي لاينتفع بالرقى أن يجتهد بتقوية إيمانه. " اهــزاد المعاد لإبن القيم
ثانيا : التبريك من العائن .
نظرا لما للعين من أخطار ضارة تحصل للمعين أرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم لأمر إذا فعلناه قضى على تأثير العين بإذن الله ألا وهو التبريك .
ويدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم لعامر بن ربيعة عندما عان سهل بنحنيف : "ألا بركت "
وقال صلى الله عليه و سلم :" إذا رأى أحدكم من نفسه و أخيهما يعجبه فليدع بالبركة فإن العين حق"
فيفهم من قوله صلى اله عليه وسلم " ألا بركت " وقوله" فليدع بالبركة " أن التبريك لا تضر معه عين العائن وإنما تضر إذا لم يبرك ،وصفة التبريك :
قيل إنها قول العائن : تبارك الله أحسن الخالقين . وقيل : اللهم بارك فيه .
وقيل : اللهم بارك عليه . وقيل بارك الله فيه . وكلها معان متقاربة .
((وهناك الرقى ))
رقيـة جبريــل عَلَيْهِ السَّلاَمُ
عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا قَالَتْ كَانَ إِذَا اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَقَاهُ جِبْرِيلُ قَالَ بِاسْمِ اللَّهِ يُبْرِيكَ وَمِنْ كُلِّ دَاءٍ يَشْفِيكَ وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ وَشَرِّ كُلِّ ذِى عَيْنٍ.صحيح مسلم
ولكن هاهنا أمر ينبغي التفطن له: وهو أن الآيات، والأذكار، والدعوات، والتعوذات التي يستشفى بها ويرقى بها هي في نفسها نافعة شافية، ولكن تستدعي قبول وقوة الفاعل وتأثيره فمتى تخلف الشفاء كان لضعف تأثير الفاعل، أو لعدم قبول المنتفع، ولذا فإن العلاج بالرقى يكون بأمرين:
أمر من جهة المريض، وأمر من جهة المعالج، فالذي من جهة المريض يكون بقوة نفسه وصدق توجهه إلى الله تعالى، واعتقاده الجازم بأن القرآن شفاء ورحمة للمؤمنين، والتعوذ الصحيح الذي قد تواطأ عليه القلب واللسان؛ فإن هذا نوع محاربة، والمحارب لا يتم له الانتصار من عدوه إلا بأمرين:
أن يكون السلاح صحيحاً في نفسه جيداً، وأن يكون الساعد قوياً، فمتى تخلف أحدهما لم يغن السلاح كثير طائل فكيف إذا عدم الأمران جميعاً: يكون القلب خراباً من التوحيد والتوكل والتقوى والتوجه، ولا سلاح له.الأمر الثاني من جهة المعالج بالقرآن والسنة أن يكون فيه هذان الأمران أيضاً