طباخة ماهرة
كنت لا أزال في بداية المرحلة الجامعية عندما تزوجت .. كان أول شيىء أخبرت به زوجي بعد عقد القران أنني لا أتقن فن الطبخ، لأنني لم أفكر يوماً في الدخول إلى المطبخ لعمل وجبة غداء أو عشاء للعائلة، فما كان منه إلا أن ابتسم وقال: "أنوقف استمرار مسيرة حياتنا من أجل عدم إتقانك للطبخ فأنا لا أهتم بمثل هذه الأمور".
وسارت حياتنا الزوجية بلا عناء أو نكد أو خصام، فقد كان زوجي عند وعده لي، يحتمل الكثير وتغاضى عن الكثير، والحق أنني كنت أجهد نفسي في إتقان طبخة أو أكله يحبها، فتراني أبحث بين طيات الكتب، أو أرفع سماعة الهاتف لأسأل ذوات الخبرة والاختصاص، فصعدت درجة واحدة فقط في سلم الطبخ كانت بالنسبة لي قفزة واسعة خاصة بعد سماع تشجيعات زوجي وإطرائه المستمر، كان زوجي من نوعية الرجال الذين يستقبلون الكثير من الأصدقاء على وجبة العشاء مرة أسبوعيا على الأقل، وفي كل مرة كان يقوم بشراء وجبات خارجية حتى جاء اليوم الذي أحسست فيه أن هذا عيب كبير في حقي كزوجة، وكثيراً ما كنت أشعر منه أنه يتمنى اليوم الذي أقدم فيه شيئاًَ لأصدقائه من صنع يدي.. وقررت أن أقوم بهذا العمل من الأسبوع المقبل، فأخذت أستعد لذلك إلى أن جاء يوم الاستقبال، وحاولت جاهدة أن أتقن ما أقوم بعمله خاصة وأنا أرى السرور والفرح ينتاب زوجي، ومكثت ساعات في المطبخ ولكن محاولتي الأولى ماتت يوم مولده، فأنا لم أتقن عمل كمية بسيطة تكفيني وزوجي فكيف إذاً بكمية لعشرة أشخاص أو أكثر بقليل، ثم إنني لا ألم بأساسيات الطبخ فقد وضعت الأرز على نار متوهجة وكمية الماء قليلة جداً حتى تعانقت حبات الأرز من بعد الفراق وأبت إلا الوصال، وأصبح وكأنه معد لكبار السن في دار العجزة الذين فقدوا أسنانهم وأضراسهم فهو للبلع أقرب منه للمضغ، ورأيت انكسار خاطر زوجي وذبول عينيه التي ما برحت تنظر إلى الأرض من شدة الخجل من الأصدقاء الذين فجعوا بهذا المصاب الأليم، فبعد الانتظار لم يجدوا إلا الدمار، وانتهت الضيافة وخرج الأصدقاء وقد ماتت على لسان كل واحد منهم كلمة عزاء يود لو قالها لزوجي على هذه الزوجة الماهرة.
وبكيت في تلك الليلة كأن لم أبك من قبل، بكيت على فشل، بكيت على عدم إتقاني لفن الطبخ الذي هو تاج تفتخر به كل زوجة ماهرة، والذي لم يكن يعني لي شيئاً قبل الزواج، بكيت بشدة على الموقف المؤسف المحرج الذي وضعت زوجي الحنون فيه.
بكيت على تحمله لي وحسن عشرته وصحبته والتي أقابلها بالخيبة والفشل.
بكيت إلى أن بزغ يوم جديد تفجرت في نفسي في ذلك اليوم موهبة جديدة اسمها فن الطبخ، فقد أصبح حديثي الدائم والذي لا ينتهي هو الطبخ وما هي أساسياته وكيفية إتقانه، ويوماً بعد يوم أصبحت أتقن مئات الطبخات والحلويات، وأصبح زوجي يستقبل أصدقاءه مرفوع الرأس وهو يسمع إطراءهم على طعامي اللذيذ.
ولكني تعلمت درساً لن أنساه… وأحب أن أحدث به كل فتاة على أبواب الزواج، وأنصحها بأن تتعلم أساسيات الطبخ وتتقن عمل الكثير من المأكولات؛ لأن هذا الأمر سيكون مهماً بالنسبة لها بعد الزواج، فإذا ما جاءها زوج حنون فإنها ستشعر بمدى الإساءة التي تسببها له، كيف تقابل إحسانه بإساءة؟، ,إن كان غير ذلك فستكون هذه بداية المشاحنات، فقد حدثتني إحدى القريبات بأن زوجها كان يترك البيت ويذهب إلى أحد المطاعم وهو ناقم عليها وعلى حالها، وكانت نظرته ترمقها دائما وهي تقول : "بأنك لا تستحقين لقب زوجة". وكان هذا الأمر يكدر عليها حياتها إلى أن أتقنت صنع الطعام، وقديماً قالوا: أقرب طريق إلى قلب الرجل هو معدته …
مع تحيات زوجة ناصحة.
وأنا أقول: أيتها الأخوات:
إن أمر الطبخ واهتمام المرأة فيه أمر مهم؛لأن ذلك من أساسيات خدمة المرأة لزوجها.
لكن لا إفراط ولا تفريط، ما نسمعه من تضييع بعض النساء لجل أوقاتهن بين عجينة كيك وعجينة بيتزا هذا أمر غير صحيح .. لأن المرأة المسلمة عندها ما يشغلها غير الطبخ من صلاة وقراءة قرآن وتربية أبناء..
وبالمناسبة كانت أم المؤمنين صفية معروفة بإجادتها للطبخ، فهي طباخة ماهرة، ولذلك امتدحتها عائشة بذلك رضي الله عنها.
ومما يزيد في كسل المرأة وتهاونها في أمر الطبخ تدليل زوجها لها بموافقته الدائمة على شراء الطعام الجاهز وقت الولائم، فإن هذا يعود المرأة على الكسل وعدم الاهتمام بفن الطبخ، أما إذا أوكل الرجل للمرأة أمر الطبخ في بعض الولائم البسيطة وأجبرها على ذلك ـ من غير إضرار بها ـ فإن هذا في الحقيقة مصلحة لها، لأنه سيدفعها إلى أن تتعلم ما يمكن تعلمه في هذا الفن.
4- والأمر الأخير الذي نؤكد عليه أنه لا بد من تدريب البنت قبل زواجها على أمور الطبخ وتدبير شؤون المنزل.. ولعلي أختم هذه الطرفة بما قاله ذلك الزوج الذي تبرم من زوجته وكسلها وتهاونها؛ بل ومن بنات العصر اللاتي غلب عليهن التهاون .. فقال مناديا: (43)
يا فتــاة العصـــر قومي وانــــهضي فالفجر لاح
اذكـــــري الله وصـــلي واعــــــبديه بانشـــــراح
اخــلعــي بــــرد التواني والبـــسي ثـــوب العمل
رتبي أعمــــال يومـــك واحذري ســـوء الفشل
نـــــظفي ثم اجـــــــعلي كـــــل شيء بانــتـــظــام
امســـــحي ثم اصــقلي مـن زجــــاج ورخــــام
اغســــلي غسـلاً نظيفاً أصـــلحي مـنه الممزق
واعتنـــي في الكي جداً بــــعد هــــذا فــليطبق!
فــــصلي ثـــوباً وقيسي طــرزي يا عاقـــــــــلة
هيـــئي طبـــخاً نــظيفاً متــقـناً للــــعائلة
غــــــربلي قمحاً ونقي واهرســي هرساً قوياً
وانـــخــــليه واعجنيه واخـــبزي عيشاً هنيّا!
لاطفــــي الأهل جميعاً اعطفــي نحو الأقارب
كل مــن يبدي ابتساماً فهو ممـــدوح وغالب
مرضي المرضى بنصح واجبري قلب الحزيــن
واسعفيهم بعــــــــــلاج ثم بري اليـــــــــائسين
واحتـــــرام الزوج حتم ليـــــس فيه شائبة
لا تغيظـــــــــــيه وكفي أو تسوء الــــــــــعاقبة
أبعـــــــديه عن ديـــون عقــــــبها دومـــاً وخيم
اعـــــــذريه لا تكــــوني مثــــل شـــــيطان رجيم!
موضوع رائع
بس الي قال الشعر حرااااام يبغها تكرف كرف مافي رحمة